هل ما يجري بسوريا تمرين لما سيجري في إيران، الأولى تحكم بالطائفة العلوية وهمشت كل القوى الوطنية الكبرى، وصارت الثورة حتمية، لأن الأقليات غالباً ما تبني مصالحها على تحالفات الخارج، وهذا ما حدث مع سوريا وإيران، ثم قفزت روسيا والصين لأن تكونا شريكتين استراتيجيتين لهذه الدولة التي لا تراعي الحقوق أو الواجبات.. إيران، وقبل الربيع العربي، مرت باضطرابات بين الحكومة والمعارضة بسبب تزييف الانتخابات لكن القمع وسجن زعمائها أدى إلى هدوء مشوب بالتفاعلات في أي وقت، والانتخابات القادمة قد تمر لأن الاستعدادات الأمنية وحضورها بالشارع ومحاولة سد الفجوات بين المرشد خامنئي، ورئيس الجمهورية نجاد لتعبر هذه الانتخابات، لا يلغي الأمور المستترة والتي تغلي من الداخل.. فدمج القوميات الأذرية والعربية والكردية والبلوشية وغيرها فشل لصالح وضغط القومية الفارسية، والتي لا تخفى أنها الأصل وأن تلك الفروع يجب أن تخضع لدولة فارس، ومع أن الدستور يقر بحقوق تلك القوميات إلا أن الواقع ينفي منحها حقوقها والتكلم بلغاتها والتعليم بها، ومحرومة من شمول التنمية، والأهواز الغنية بالثروات النفطية مثل يعطي نموذج أساليب العزل والفصل العنصري، والقسوة طالت الأجناس من غير الفرس، وهنا أصبح هاجس الدولة أن مباركتها للثورات العربية، ما هي إلا خوف من انتقالها إلى إيران والجاهزة لكل المفاجآت.. فسياسة الإلغاء لمكونات تعد الأكثر من الجنس الفارسي لا بد أن يطرح بعد الثورة، لأن المحرضات جاءت من الدولة وقوميتها، وحتى الانتخابات قد لا يكون لتلك الجماعات دور مؤثر أي أن إشراكها سيأتي صورياً، ومشكلة إيران أنها ترفع الإسلام شعاراً لقوميتها، وإلا فإن الطائفة السنية التي تتجاوز الثلاثين في المائة مضطهدة تمارس شعائرها بحذر، وتجري محاولات كبيرة في تشييعها، إلا أن التمسك بعقيدتها أعجز الحكومات القديمة والحاضرة على اختراقهم.. نأتي إلى الضغط الدولي الذي بدأ يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد ومداخيل المواطنين وارتفاع الأسعار وتعطيل الآلة الصناعية بسبب المقاطعة، وهي عوامل تدركها الحكومة، لكنها تكابر، وإذا ما أضفنا للوضع السوري التي تتحمل أعباءه على حساب لقمة المواطن بدفع البلايين والأسلحة والمتطوعين، فإن تلاقي هذه المآزق يجعل الأمن الإيراني، مهما كانت قبضة الجيش والحرس الثوري، على نفس ما جرى لترسانة الشاه التي اختفت بعد عدة أشهر، لأن أي جيش مهما قوي وزادت نفوذه لا يمكنه ردع الشارع إذا ما انفجر، وثورة الخميني ذاتها شاهدة على هذا الواقع، ويمكن تكرارها بلون آخر ومطالب جديدة تجعل الشارع هو القائد الجديد للربيع الإيراني..