أصبح جهاز «البلاك بيري» متاحاً في يد الجميع الصغار والكبار، والبعض منهم مدرك لأهمية هذه التقنية والآخر غافل عنها، ويعتبرها إحدى أدوات التسلية في هذا العصر، كما باتت تلك الأجهزة تحمل في طياتها أخبار الناس، وبعض الأبناء يدون ويوثّق بالصور كلّ حدث يكون داخل الأسرة -سواءً شخصي أو عام- وينشره بسرعة البرق، حتى أصبح المتلقون يبحثون في صفحاتهم الشخصية عن كل جديد في تلك الأسرة.. «الرياض» التقت بعدد من أفراد الأسر لمناقشة موضوع «برودكاست» الأبناء واختراقه لخصوصية الأسرة، وطرحت عليهم عدداً من التساؤلات فكان التحقيق التالي. الوالدان محرجان من اتصال «الملاقيف»: وش فيكم متهاوشين؟، الولد وين كان سهران؟، لا تزعلون بنتكم! نشر غسيل! بداية شبهت «فاتن المسعود» نشر الأخبار الخاصة بالأسر في أجهزة «البلاك بيري» ب»نشر الغسيل»، خصوصاً إن كانت هذه الأخبار لا يصح أن تعلن قبل أن تتحقق، وأنّها قد صادفت أن قرأت لصديقاتها عبارة تهنئة وفرح بخطوبة شقيقتها، وبعد أن باركت لها أخبرتها صديقتها بأن الأمر لم يتم بعد، مستنكرة نشر الأخبار -بالذات المتعلقة في مثل هذه المواضيع- على الملأ قبل أن تتم. تصوير أفراد العائلة في الأماكن العامة أقل ضرراً من داخل المنزل مصدر أخبار وقالت «مريم الشهري»: «أبنائي مضيفون أقاربهم وأنا لا أعلم عن أخبار هؤلاء الاقارب شيئاً، وكل يوم يأتي ولدي ويقدّم لي موجزاً بأخبار الأسرة وتفاصيلها، حتى أنّ مشاكلهم أصبحت أمام أعين الجميع دون تحفظ، وحقيقة لم أعد أهتم بالاتصال والاستفسار عن البعض فقط كلما أحتاجه الجلوس مع ولدي والاستماع إلى ما تقوله مصادره القوية من أخبار أسرية»!. توعية الأب لأبنائه بالاستخدام الأمثل للتنقيه يبعد المشاكل نقمة التقنية ووصفت «رحاب محمد» هذه التقنية ب»النقمة»، وأنّ من لديه ابن مراهق ولا يعلم كيف يزن الأمور في استخدامها، سيكون مصدراً رئيساً في نشر كل ما يحدث بالمنزل من مشاكل وأخبار، ويصبح الحدث منتشراً بين الجميع وقد يتفاجأ بعض أفراد الأسرة بمعرفته من خارج نطاق العائلة. تناقض غريب وكشفت «سارة عبدالعزيز» أنّ هناك أخباراً تافهة لا يستوجب على الشخص كتابتها، وأنّها لا ترى مانعاً في نشر بعض الأخبار الأسرية، مشيرةً إلى أن البعض يكتب أمراً عن أسرته وعند سؤاله عنه ينفيه وينكره؛ رغبة في إخفائه عن الأقارب مع أنّه كان يتفاخر به أمام الأصدقاء، مشيرةً إلى أنّ التناقض الكبير في ذات الموقف عندما يكون هناك أخ أو أخت يسرد الأخبار بكل تفاصيلها، وأنّ ذلك لا يقتصر فقط على صغار السن والمراهقين بل حتى في الكبار والناضجين، وأنّ هؤلاء الكبار يبدون وكأنهم قد «صغرت عقولهم»؛ فهم يكتبون ما يريدون دون مراعاة أي فرد من أسرتهم أو اهتمام بأي اختراق لخصوصية العائلة، بعكس الصغار الذين عادة ما يخافون عند كتابة أيّ شيء. من قال لكم؟ واستغربت «خلود العبدالله» من تصرف البعض في إنكار الخبر رغم نشره على الملأ، وأنّ بعض الأسر لا تعلم ماذا يحدث في جوالات أبنائها، وماذا يكتبون ويدونون من أخبار وقتية حتى يتعايش معهم الأشخاص المضافون إلى قائمتهم، وأنّ بعض الآباء يُصدمون عندما يأتيهم من يسألهم عن خبر يفترض بأن يكون سراً أسرياً، ليتفاجأ بعد ذلك أنّ أحد أبنائه قد نشره في حالة أو رسالة أو صورة عن طريق جواله. مراقب أسري من جهتها طالبت «أفنان عبدالله» الأهل بمراقبة أبنائهم؛ عن طريق إضافتهم إلى قوائم الإتصال في أجهزة «البلاك بيري»، والعمل على تنبيههم بما ينبغي إرساله أو اختياره كحالة أو رسالة شخصية، وعدم إغفال هذا الأمر خصوصاً مع الأبناء المراهقين. لفت إنتباه وبيّن «إسماعيل المبارك» أنّ أجهزة «البلاك بيري» لم تقف عند نشر الأخبار الصحيحة فقط، بل نشرت الأخبار المكذوبة أيضاً، وأنّ البعض ينشر أخباراً ويدون أحداثاً تكتشف جهات إتصاله لاحقاً أنّها زور وبهتان، وأنّه قد ألفها فقط ليلفت الانتباه بالكذب والافتراء. تطفل وإزعاج وأوضح «وليد الأحمد» أنّه لا يجد إنزعاجاً من كتابة أو توثيق الصور في أجهزة «البلاك بيري»، وأنّه ربما وضعها الشخص لأنّ بينه وبين المضافين في قائمة أصدقائه اهتماماً حول الخبر أو الصورة المنشورة، وأنّها قد لا تكون أسراراً أسرية أو خبراً يخترق خصوصية العائلة، مبيناً أنّه ينزعج من تطفل البعض حول الرسالة المنشورة، وأسئلته المتكررة حولها. اعتراف بالقوة وذكرت «عائشة سعود» أنّه كثيراً ما يمنع الآباء ذويهم من كتابة أسرار الاسرة أو التلميح بها في أجهزة «البلاك بيري»، ومع ذلك فهم يتفاجؤون أن جميع من حولهم يعرف ذلك، ويحاولن إنكاره لكنهم مضطرون للاعتراف به لأنّهم لا يريدون تكذيب ابنهم. دور الأسرة من جانبها لفتت «أسماء العتيبي» أنّ العتب يقع على كاهل الأسرة لتعليم الأبناء الصغار كيفية التعامل مع وسائل التقنية، وأنّ الأفضل في توفير البديل المناسب، مضيفةً أنّ غالبية الأجهزة الحديثة صُممت للكبار ورجال وسيدات أعمال وليست للترفيه، حيث أنّها تمكنهم من التواصل مع أصدقائهم وتحديد أوقات الاجتماعات، ومتابعة ما يستجد من أخبار، والمشاركة في القضايا الهامة عن بعد. تقليد أعمى ونوّهت «منى سليمان» إلى أنّ منح الأبناء الحرية الكاملة في أغلب الأمور، ومنحهم حق التقرير هو ما دعاهم إلى نشر كل ما يحدث في نطاق الأسرة -ولو كان أمراً لا يحبذ نشره-، وأنّ بعض الأبناء يحاول بصنيعه ذلك مسايرة أصدقائه الذين ينشرون أخباراً عن أسرتهم -ولو كانت مكذوبة- فقط لمحاولة لفت الانتباه والتقليد، وبدون أيّ وعي أنّ الضحية في نشر تلك الأخبار هي أسرته وأفراد عائلته التي أنتهك خصوصيتها فقط لأن يتباهى أما أصدقاء قد يجهل بعضهم -إن عرفهم أصلاً-!.