احتار العلماء وحتى الفلاسفة والأطباء في تفسير بكاء الطفل ساعة الولادة، فمنهم من قال: إنها دليل على صحة الطفل وسلامته، ومنهم من قال: إنها خوف من واقع الحياة الدنيا، ومنهم من رأى أن ذلك عائد أو دليل على زوال الدنيا وسرعة فنائها, مستشهداً بما ترجمه الشاعر "أبن الرومي" من تأويلات الإغريق واليونان حين قال: لما تؤذن الدنيا من زوالها يكون بكاء الطفل ساعة يوضعُ وإلاّ فما يبكيه منها وإنها لا أفسح مما كان فيه واسع ولذا ظل بكاء الطفل سراً بل ومعجزة انفرد بعلمه الباري سبحانه، على أن البعض ممن يرى صحة الأحاديث المروية حول استحباب الأذان، بأذن المولود نبه إلى أن حياة ابن آدم مختزلة في مدة ما بين الأذان إلى إقامة الصلاة وهي مدة عمر الإنسان الذي يولد، فيؤذن في أذنيه، ويموت بعد حين فيصلي عليه، ولذا قال الشاعر: أذان المرء حين الطفل يأتي وتأخر الصلاة إلى الممات دليل أن محياه قصيرُ كما بين الأذان إلى الصلاة ولذلك علّق "أبو العلاء المعري" ناصحاً ابن آدم بالعمل الصالح لاسيما وقد ولد وهو يبكي، والناس حوله يضحكون فرحاً بولادته، ولذا كان عليه أن يسعى ليضحك حين وفاته فرحاً بما رآه من علامات الخير، في حين يخرج من الدنيا والناس حوله يبكون فراقه ولا يعلمون بما أعده الله له: ولدتك أمك يا ابن آدم باكياً والناس حولك يضحكون سرورا فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسرورا