ليس بيننا ومصر حجب أو حواجز، بل جسور مفتوحة لأن المصلحة القومية التي جعلتهما قوة العمل العربي فرضت عليهما أن تكونا في صدارة أي فعل، سواء كان ثنائياً أو عربياً عاماً، وقد تكون التباينات أمراً طبيعياً عندما تكون الظروف غير عادية، ومصر مرت بثورة وجهت جهود قادتها إلى الشأن الداخلي ذي الأولوية الأساسية، لكن التزامات المملكة الاقتصادية والسياسية لم تتغير، وتصريحات الأمير سعود الفيصل بأن الثلاثة مليارات دولار قائمة كدعم لها ولم يحدث ما يسبب أي تأخير إلا أن مصر لم تحدد الأولويات الاقتصادية بسبب حالتها القائمة.. ليست مصر وحدها من تشعر المملكة بمسؤولياتها تجاهها، بل معظم الدول العربية التي تدعمها ولم تكن سياستها ترتهن لبعد دولي، أو مساومات على انتزاع شروط لا تتفق مع كرامة واستقلال كل الدول وليس من أهداف وأخلاقيات المملكة أن تخالف مبادئها أو ثوابتها.. فالتاريخ يشهد أن البلدين في الظروف الطبيعية أو المعقدة على مسافة متقاربة بالتفاهم وتنسيق المواقف، لأن موقعهما ودورهما فرض طبيعة العلاقة المنسجمة، والملك عبدالله شخصياً هو أول من وقف مع الثورة باعتبارها خيار شعب، ولابد من دعمه والوقوف معه على نفس المسافة من الود والإخاء.. الظرف العربي يمر بحالة عدم توازن نتيجة المتغيرات المتسارعة مما أنتج أوضاعاً جديدة، ومن الطبيعي أن يجعل السياسة الخارجية همّاً آخر أمام المطالب الأولية ومع ذلك فالمملكة لم تبتعد أو تغير مواقفها تجاه شقيقتها، وحتى لو تحدث رئيس الوزراء السيد الجنزوري بعدم وفاء الدول المانحة فهو يتكلم من مسؤولية وظيفته لكن كان من الأولى أن تستمر اللقاءات والمباحثات ليبنى عليها حكم الواقع بين بلدين ليس بينهما حدود متقاطعة.. الدور المصري يبقى مهماً، وبالذات في المرحلة القادمة، والسعودية تقدر ذلك من منطلق انها شريك بالمسؤولية ومن المستحيل أن ترى مصر بغير ذلك والدعم المالي الذي أقرته المملكة يأتي ضمن سلسلة طويلة من تبادل المصالح والاحتياجات لكلا البلدين.. فالمملكة فتحت الباب للعاملين من الشقيقة بمختلف التخصصات ليساهموا بورشة العمل التي نشهدها في كل قطاعاتنا المتعددة، وتبقى السياحة والاستثمارات الأخرى متوقفة حتى تصبح الظروف أكثر ملاءمة، أما السياسات فلم تتبدل أو يطرأ عليها أي تغيير ومن المصلحة أن تبقى على نفس الأوضاع لأننا نسير بذات الطريق في مسارنا الثنائي أو العربي.. الأيام القادمة ستكون فاتحة خير على البلدين، وهذا ليس من باب الأماني بل حقيقة ندركها من فهم مشترك، وخاصة في أحوال تفرض تجاوز أي عقبات، ولا نجدد مسبباً يسد الأبواب أو يغلق الطرق، والمملكة من طبيعة عملها أن لا تكون مركز خلاف بل كثيراً ما عملت على خلق مصالحات بين الفرقاء، وقد ضحت في كثير من علاقاتها مع قوى خارجية حاولت أن تعاكس الإرادة العربية، ونعلم أن ظرف مصر الراهن لا يحتاج فقط الدعم المادي بل الوقوف معها في مختلف القضايا.. عموماً لا نجد ما نزيد عليه إلا أننا شركاء مسؤولية وإخاء سيبقى دائماً مجال عملهما في كل الأحوال والظروف..