بينما قد يتفق الكثير من الناس على انه قد يكون من الضروري إخضاع من يقود سيارته في الاتجاه المعاكس في شارع وحيد الاتجاه في لاغوس إلى فحص طبي إلا أن قليلين يرون أن بالإمكان صياغة هذا الأمر في قانون. وقد يتسبب تجاهل الإشارات المرورية في هذه المدينة العملاقة المترامية الأطراف في تكبد السائق المخالف غرامة تصل إلى ما يعادل 100 جنيه إسترليني. غير انه بات ايضا بالإمكان الآن إرسال مرتكب مثل هذه المخالفة إلى طبيب أمراض نفسية وعقلية لتقييم حالته، في محاولة من السلطات في هذه العاصمة التجارية للدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في أفريقيا للحد من القيادة في الاتجاه الخاطئ. مصائد الرمال تتربص بالسائقين .. وتربح أطفال الشوارع ويعتبر الازدحام المروري في لاغوس خرافيا في حين أن جهود السكان المحليين في الإفلات منه غالبا ما تتسم بالرعب. وغالبا ما يلجأ كبار الشخصيات الذين تشق مواكب سياراتهم الفارهة الجسور المتهالكة في هذه المدينة الجزيرة الى رجال شرطة على دراجات نارية لإخلاء الطريق . وحركة السير في المدينة بطيئة إلى حد أنها أنعشت الكثير من أسواق الشوارع التي توفر أي شيء يخطر على البال للسائقين العالقين في الازدحام المروري. ويعرض الباعة بضائع تتراوح بين مختلف صنوف السلع إلى الأفلام إلى الكتب. وتقوم عصابات من أطفال الشوارع بإنشاء مصائد من الرمال على الشوارع غير المعبدة ثم يطالبون أصحاب السيارات العالقة بمبالغ محددة مقابل جرف الرمال وإزالتها وتخليص سياراتهم منها.أما الدراجات النارية التي تعمل كسيارات أجرة فإنها تستخدم نفس آلات التنبيه التي تستخدمها الشاحنات الكبيرة لتخويف المارة وإبعادهم من الطريق. السائقون في لاغوس يلجأون إلى أي وسيلة لتفادي الازدحام المروري ومع ذلك فليس كل سكان لاغوس يقعون فرائس للخوف بسهولة ، حيث غالبا ما يكسرون حاجز الخوف ويصبون جام غضبهم على رجال شرطة المرور الذين قد يستجيبون بتفريغ إطارات سيارات المخالفين لمنعهم من مواصلة السير. ويعلم معظم السائقين في لاغوس أن بإمكانهم تفادي الخضوع لتقييم نفسي من خلال تقديم بعض المال. وفي كثير من الأحيان يحصل رجالات الشرطة على رشاوى من السائقين من خلال طلب" شيء لقضاء عطلة نهاية الأسبوع". ويقول المسؤولون إن السائقين الذين يحاولون الاعتراض على الغرامة وتفادي الرحلة إلى الطبيب النفساني قد يلجأون إلى دفع رشى قد تصل إلى ما يعادل 100 جنيه استرلينى ومع ذلك قد يضطرون في النهاية إلى الخضوع للتقييم النفسي بأي حال. والرسالة هنا واضحة وفحواها:"إذا خالفت قاعدة الطريق ذي الاتجاه الواحد فلابد من الخضوع للفحص التقويمي" ، على حد قول سينا ثورب، من وزارة النقل بولاية لاغوس، في تصريح لصحيفة وول ستريت جورنال. ازدحام مروري في لاغوس ورغم الجهود المضنية التي يبذلها حاكم الولاية باباتوندا فاشولا للتصدي للسائقين الذين يقودون في الاتجاه المعاكس ، إلا ان الفوضى المرورية تضرب بأطنابها في أنحاء الولاية وتتسبب في مقتل الكثير من المواطنين. وتشير أرقام صدرت من مكتب الحاكم في مطلع العام الحالي إلى مقتل 57 من الكناسين الذين يعملون على تنظيف الشوارع دهسا تحت عجلات السيارات التي يقودها سائقون خطرون. ويعزى السبب في الازدحام المروري في لاغوس إلى عدم التزام السائقين بأبسط قواعد المرور.وكمثال فان معظم سائقي الحافلات التجارية يقودون مركباتهم في الاتجاه المعاكس في مواجهة السيارات القادمة .فما أن يكتظ الشارع بالسيارات إلا ويلجأ السائقون إلى عكس اتجاه السير. وما يزيد الأمر تعقيدا أن أصحاب السيارات الخاصة يصرون على أن يسلكوا نفس المسلك مطبقين شعار " إذا لم تستطع أن تتغلب عليه فانضم إليهم" أو على رأي المثل السعودي " مع الخيل يا شقرا." ويترتب على ذلك أن تطول طوابير السيارات إلى حد أن المرء قد يبقى في مكانه بلا حراك وفي حالة توقف تام لمدة قد تصل إلى ساعة كاملة. وعلى الرغم من الغرامات الباهظة التي تطبق على السائقين فان قوانين لاغوس تعتبر متساهلة لدى مقارنتها بتلك المطبقة في نيوزيلندا حيث يتم تغريم من يقود سيارته في الاتجاه الخاطئ مبلغاً قد يصل إلى ما يعادل 6500 جنيه إسترليني أو السجن لمدة خمسة أعوام.