حمل الدكتور عمار بكار وزارات التعليم والبيروقراطية التي تتعامل معها مسؤولية نقص المواطنة. وأكد خلال ندوة «الإعلام التفاعلي والشباب والمتغيرات « ضمن فعاليات برنامج النشاط الثقافي التابع لمهرجان الجنادرية لهذا العام بأن برامج التطوير لدينا قصرت في الاستفادة من تقنيات التعليم واللحاق بالقطار، فالجيل يتعلم بسرعة أمورا كثيرة مع الأسف أن لا يكون لجانب التعليم الدراسي جزء منها، ومما يؤسف له أن مناهجنا تعود بنيتها للسبعينيات في وقت يجد الشباب متعته في التعلم بوسائل رقمية سريعة وحديثة وممتعة، ونادى بكار بضرورة خلق قدوات رقمية يستفيد الشباب منها بشكل جماعي وتبدأ تلك القدوات بتوجيه الطاقات والفراغات لخدمة المجتمع، فالجيل القادم لم يعد يتعلم من والديه الكثير - على حد قوله -. وحول تأثير الأجهزة الحديثة على الحياة الاجتماعية علق بكار بأن الدراسات تشير حالياً إلى عدم قضاء الناس أوقاتاً كثيرة خارج البيت، لكن حتى مع وجودهم في المنزل هناك انفصال عن محيط الأسرة أوجدته تلك الأجهزة المنتشرة، ومن المصيبة أن الدراسات الطبية أثبتت أن هناك تشتتا لخلايا الدماغ بسبب استقبالها لعدد كبير من المعلومات في الوقت الواحد وعدم استمتاع بالقراءة بسبب تلك الجرعات السريعة من المعلومات واختفت معها لحظات التفكير والهدوء. وأضاف أنه من المتوقع أن ينتهي العمل التطوعي والخيري من أرض الواقع وان يتجه نحو الواقع الافتراضي بسبب سهولة التواصل وعدم تحمل أعباء مالية كبيرة، وأشار بكار إلى أن الحرية التي أتاحتها الشبكة العنكبوتية تأتي معها المسؤولية ويجب عدم فصلها مع التركيز على تفعيل التنشئة المجتمعية على مفهوم تلك المواطنة الصالحة. من جانب آخر أكد المتحدث في الجلسة الدكتور فهد الغفيلي على أن بقاء الأبناء في منازلهم لم يعد هو الخيار لجعلهم في مأمن عن أخطار الشبكة وطالب بأهمية تفعيل الحوار بين الشباب والمجتمع وضرورة ملاحظة الدور الذي يلعبه الإعلام الرقمي الجديد بكافة وسائله والتأكيد. ونبه إلى وجود مشاكل ومخاطر أمنية تنتشر في المنتديات والمجموعات البريدية وحتى المحادثات. وذكر الغفيلي أن القاعدة لديها قرابة 60 مركزا إعلاميا تقوم بمثل هذه الأعمال. كما ان العديد من السرقات يتم تعلمها ببساطة حالياً من أقراص الألعاب المنتشرة بين الشباب. وذكر الغفيلي أن سلطات الحكومات بدأت تضعف الآن وأصبح كل شخص رئيس تحرير لا يحتاج لموافقة للنشر، لكن في المقابل فإن الحرية هنا أصبحت مكلفة جداً، وهذا التطور السريع أصاب المتخصصين بالإرهاق ويمكن مشاهدة التنافس الرياضي على سبيل المثال الذي انتقل من الملعب نحو الفضاء الإلكتروني لتجد إختراقات مواقع الأندية المنافسة والعبث بالشعارات وانتحال الشخصيات الشاب لم يعد لديه اتزان عاطفي ممكن أن يجد في عشرات المنتديات تكتلات حزبية وشللية مقيتة. وعبر الدكتور نبيل اندجاني في ورقته عن أسفه، فالتقليدي أصبح قديماً وحتى الشعبي الغربي قد ابتلع ثقافاتنا وحدث تغير في الأسلوب والمحتوى الثقافي لنا بسبب استقبالنا المكثف من الخارج بسبب إندماج التقنيات مع ثقافاتنا وأصبحت الثقافة مجرد سلعة والقيمة تقوم مقام الأسرة، فالمشكلة الآن ليست في حرية الوصول والمطالبة بها، بل في عدم وجود سياسات إعلامية تحد من السيطرة وتجعل الشباب شريكاً إيجابياً في بناء مجتمعه فلا يمكن إغفال نتائج سلبية توجد بين الشباب تصل إلى حد الإسفاف في مستوى التفكير مع ملاحظة صعوبة عمل القيمين على المجتمعات الآن ووصول تلك التقنيات إلى أيدي الجميع دون تكاليف مادية كبيرة ونادى اندجاني إلى ضرورة الإنتاج الرقمي من قبل الجهات المسؤولة وعدم الإكتفاء بالاستيراد المؤدي للتغريب ووضع سياسات تدعو لترشيد ذلك، وأشار إلى ان التغيرات بسبب الربيع العربي حدث بعد التفاعل مع التقنية ولم تكن سبباً مباشراً فيه، فالتقنية لاقت أنفسا متطلعة للتغيير فاختيار يوم الجمعة وبعض الميادين التي تحمل أسماء معينة ساعدت في تلك الثورات فوسائل التواصل لا تغير الاتجاهات التي لا تتغير إلا مقابلة وجها لوجه. وطالب مدير الجلسة الدكتور فايز الشهري في النهاية المؤسسات الحكومية أن تتماهى مع التقنية وتجعلها من صلب أولوياتها فهو متغير يجب أن تتفاعل معه وهو مطلب الشباب الآن.