عرفت البلاد المصرية بتعاقب الحضارات منذ آلاف السنين. واشتهرت على مدار التاريخ القديم والحديث بوجود كوكبة من المؤرخين والعلماء والباحثين. ومما حرصت به أي دولة في العالم هو العناية الكبيرة بحفظ تراثها وتاريخها كون ذلك تاريخا للأمة ومخزنا لا ينضب. مما طالعتنا به الوسائل المختلفة حدوث جريمة كبيرة ارتكبت في السبت :22/1/1433ه تمثلت باحتراق أكثر من مئتي ألف كتاب نادر وقديم في مبنى المجمع العلمي في القاهرة !!! حفظ في هذا المبنى عدد من الكتب والمقتنيات والمؤلفات النادرة منذ عام : 1213ه الموافق 1798م. حيث يعود انشاؤه إلى عهد نابليون في مدينة القاهرة ثم انتقل مقره إلى الإسكندرية ثم عاد إلى القاهرة عام 1299ه الموافق 1880 م ومما حواه هذا المبنى كتاب وصف مصر الأصلي وغيره من المؤلفات النادرة التي يصعب تعويضها . وأذكر انني قد قمت بتصوير بعض الكتب النادرة والمحفوظة بها عن طريق دار الكتب في القاهرة وتمكن عدد من الباحثين السعوديين من تصوير الكثير من المؤلفات النادرة في هذا المجمع الضخم وكم كان لشيخنا حمد الجاسر صولات وجولات فيه أطلق عليه الدكتور طه حسين لقب علامة الجزيرة العربية يرحم الله الجميع. إن لوعتنا على فقد تاريخنا وتراثنا العربي والإسلامي الذي كان محفوظاً فيه لقرون عدة لا تعادلها لوعة أو حرقة أو ألم فتصرخ بآهات الحناجر في فضاء الكون بألم وحسرة . أن ما حواه المبنى من تراث لا يمكن تعويضه فهو ليس ملكاً لمصر بل ملك لنا جميعاً. وقد كانت فاجعة الاحتراق أن أنست الباحثين والمهتمين إصلاح الحال في بلاد مصر فكم من مردد حزين وحيران يتمنى ويقول أين عهودك السابقة قبل الثورات الفاجعة !! عزاؤنا للباحثين والمهتمين وماذا سنقول للأجيال عن هذه الثورات التي لم تفرق بين السياسة وتراث الأمة وذاكرتها. انين حزن وبكاء يحمل دماً بتراث ضاع لا يمكن تعويضه. فإننا لله وإنا اليه راجعون.