عجباً لبعد نظر الحكومة السعودية وشركة أرامكو حيث أرسلت قبل 61 سنة 17 طالباً سعودياً للتخصص في أعمال سكة الحديد من أجل العمل في سكة الحديد التي تربط الدمامبالرياض، فهل يأخذ المسؤولون بالحكومة الآن هذه المبادرة للعبر فالأعمال الفنية مجالها واسع وفرص العمل يمكن أن يستقطب مئات الآلاف بدلاً من أن نتغنى بأن الفلبينيين والهنود هم القادرون فنياً على الأعمال الفنية. وهل يأخذ المسؤولون بالحكومة العبرة ويضعون خططاً أبعد وأشمل ويبادرون بصورة عملية ويعلنون عن آلاف فرص العمل بالقطاعات الأهلية والحكومية في المجال الفني ويبدأون في إعداد الشباب على ضوئها لشغل الوظائف التي ستعرض في الفترة غير البعيدة في هذه المشاريع المعتمدة لها بالمليارات كمدينة الملك عبدالله الاقتصادية؟ وسكك الحديد المختلفة ومحطات الطاقة ومحطات التحلية وأعمال المكننة في مشاريع الطرق وغيرها الكثير الكثير في القطاعات الحكومية والأهلية. ويا أسفاً إذا نحن أقمنا هذه المشاريع بعشرات المليارات ثم أحضرنا جيشاً جراراً من العمالة الفلبينية والهندية للتشغيل والصيانة وقلنا - مغالطة إن السعوديين غير معدين لذلك أو غير راغبين في ذلك ونحن في مناءً عن تذليل المعوقات ونشر المعلومات والتخطيط المسبق لإعداد السعوديين. ألم يحن الوقت - مثلاً أن نعد شباباً سعودياً للعمل على كل الأعمال الفنية والأعمال المساندة وحتى الخدمية في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ونحرصها على السعوديين ونحطم التردد والخوف ونذلل المعوقات مهما كانت ومهما كلفت أما علينا أن نعود 61 سنة لنقرأ ما أقرته الحكومة السعودية وشركة أرامكو عندما أعدت 17 طالباً سعودياً للأعمال الفنية بسكة حديد الدمام - الرياض ونجحت في ذلك. (لقد كان أحد المديرين العاملين بوزارة الخدمة المدنية سائق قطر في أول حياته الوظيفية بكل فخر) أما علينا أن نعود 35 سنة حين كانت جميع الوظائف الخدمية في الأجهزة الحكومية من السعوديين فما بال القطاعات الأهلية والمشاريع الكبيرة لا تتأمل السعودة وأنا على يقين أن السعودي سيرغب العمل الفني ومنهم من سيرغب العمل الخدمي في هذه المواقع المميزة. إذا قدم له شيء من الحوافز الميسرة - ولو بمساندة الدولة كالتأمين الصحي وبعض الملابس الأنيقة التي يتطلبها العمل وتأمين المواصلات وبعض التسهيلات في السكن وتدريب مسبق محدود خاصة أن حكومتنا الرشيدة بادرت في جعل الحد الأدنى من الرواتب 3000 ريال قد حانت الفرصة وما بقي إلا الجرأة، فمن قال إن السعودي لا يقبل الاعداد الفني. فليسأل جهات التدريب والتأهيل الفني التي تعج بعشرات الآلاف من الطلاب ومن قال إن السعوديين لا يميلون للعمل الفني فليسأل أرامكو وسابك ومن قال إن السعودي لا يرغب الأعمال الخدمية فليسأل شركات الحراسة التي لا تقدم لمنسوبيها أكثر من 1800 ريال وكذلك العاملون السعوديون على كادر المستخدمين.. ففي الماضي وواقع الحال عبرة. ولنعطي الحاضر جرأة في الإعداد والتمكين في التوظيف. والاهتمام بالتوظيف ليس أقل أهمية من دفع المليارات في الاتفاق على البناء فكلاهما أساس وتأسيس فالتقدم في اليابان لم يقم على القدرات المادية وإنما على القدرات البشرية. * مساعد نائب وزير الخدمة المدنية سابقاً