في كثير من الأحيان حين مراجعتك لبعض القطاعات الحكومية لإنهاء معاملة من المعاملات تتفاجأ أن الموظف المكلّف بهذا العمل في إجازة، وقد تم تكليف موظف آخر لمتابعة عمل ذلك الموظف المجاز، وهذا يأتي في إطار تنسيق الإجازات بين الموظفين. لتفاجأ مرة أخرى أن هذا الموظف البديل لديه من الالتزامات تجاه وظيفته الرئيسة ومراجعيه ما يكفيه من المسؤوليات والضغوط، وفي هذه الحالة ستشعر حينما تطالبه بإنهاء معاملتك أنك أشبه بالمتطفل عليه وعلى حقوق مراجعيه المكلف بإنهاء معاملاتهم؛ ولذا فإن تنسيق الإجازات بين الموظفين في هذه الحالة يعتبر إجراءً غير عملي؛ بسبب أنه لا يقدم بديلاً "متفرغاً" لأداء المهمة الوظيفية نيابة عن الموظف المجاز بالشكل المقنع، بل يقدم خللا في الهيكل الوظيفي للمنشأة، حيث ان هذا البديل قد تخلى عن جزء كبير من وقته وجهده المخصص لمتطلبات وظيفته الرئيسة، لصالح متطلبات وظيفة زميله المجاز، مع ما يعتري ذلك من إخلال في حقوق المراجعين، لتصبح هذه الإجازة وتحت هذا الإجراء عقبة في تعطيل شؤون المراجعين. وظائف مؤقتة وذكر "د.عادل بن حمد الزنيدي" -رئيس مجلس التدريب التقني والمهني بمنطقة القصيم- أن حل مشكلة ما يترتب على غياب الموظف نتيجة تمتعه بإجازته السنوية أو الطارئة تجاه انجاز معاملات المراجعين، يمكن من خلال تعزيز عدد الموظفين الرسميين أو غير الرسميين "العقود المؤقتة" حتى لا يكون هناك فراغ يترتب عليه تعطيل مصالح الجمهور، إلى جانب تفعيل موضوع الندب، مستشهداً بما يتم تطبيقه في مدارس تعليم البنات، حيث يتم ندب المعلمة إلى مدرسة أخرى لتغطية الاحتياج، مؤكداً في ذات الوقت على ضرورة منح المدراء صلاحيات التكليف والندب والتعاقد المؤقت، مضيفاً:"إن هناك أهمية لوجود التنسيق بين الإدارات الحكومية على المستوى المحلي والإقليمي وكذلك التنسيق بين فروع الوزارة مع بعضها لمعالجة الاحتياج الوظيفي للحالات الطارئة وسد الإجازات". جمعيات المتقاعدين ولتلافي سد ثغرات غياب الموظفين نتيجة الإجازات الطارئة أو المجدولة بيّن "د.فيصل بن عبدالله الخميس" -أمين عام الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة القصيم- أنه يوجد تجارب تتمثل في إنشاء جمعيات متخصصة، منها على سبيل المثال "جمعية المتقاعدين"، وتختلف باختلاف التخصصات، وتعمل على سد العجز الحاصل في القطاع العام على وجه الخصوص والقطاع الخاص على وجه العموم؛ وذلك لتلبية احتياجات أي قطاع خدمي ينقطع أحد موظفيه نتيجة عارض صحي أو إجازة مجدولة بحيث يتم مخاطبة الجمعية أن هناك احتياجا لأحد منسوبيها خلال فترة محددة، ومن ثم يتم سد العجز على حسب الاحتياج والتخصص من ممارسين لديهم إلمام ودراية، وذلك مقابل أجر مقطوع يمنح معها شهادة مشاركة اجتماعية تقديراً لمساهمته في النشاط الاجتماعي. وأشار إلى أن هذا النوع من العمل يجعل المتقاعد على ارتباط دائم ووثيق مع أوجه التحديث والتطوير الذي يطرأ على القطاع الذي كان ينتمي إليه سابقاً؛ مما يجعل المتقاعدين متابعين بشكل دائم لمستجدات العصر بتخصصاتهم، ويزيد من روح الحيوية لديهم والانسجام مع بيئتهم الاجتماعية والعملية، كما تجعل من هؤلاء الموظفين المتقاعدين على مختلف تخصصاتهم أصحاب خبرات تراكمية تنمو كلما عادوا إلى دائرة الضوء، ولو كان ذلك على فترات متقطعة، كما تجعلهم مهمين رغم تقاعدهم، ومساهمين ومشاركين في النشاط الاجتماعي العام. ذهاب الموظف في إجازة عطّل معاملات المراجعين وأكد "د.الخميس" إلى أن هذا النظام في حال تطبيقه يجعل من المنشأة في القطاع الحكومي تقدم خدماتها بجاهزية، ودون إخلال في جودة المنتج أو الخدمة، ودون إرباك في نقل الموظفين من قسم إلى آخر أو من مهمة إلى مهمة أخرى، مضيفاً:"هذه دعوة ومقترح لقطاع التعليم لتطبيق هذا المنظور كونه من أيسر القطاعات الحكومية لتطبيق هذا المفهوم والتي تسري أيضاً على كافة القطاعات الخدمية". تأخير المعاملات ونوّه "محمد بن فهد المرشود" -عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة القصيم- إلى أن إهمال مصالح الناس وتأخير البت في قضاياهم وعدم انجاز معاملاتهم، إلى جانب تعثر الإجراءات لدى المؤسسات والإدارات المرتبطة بتسيير الأنشطة الحياتية اليومية، يتسبب في ضياع الحقوق، وكل ذلك يعود إلى تمتع الموظف المختص بالإجازة المستحقة أو خروج آخر في إجازة طارئة أو ربما يكون السبب أحيانا أن الموظف المعني باستلام المعاملة واستكمال إجراءاتها القانونية في مهمة قد تطول أو تقصر فترتها خارج نطاق المؤسسة التي ينتمي إليها، مضيفاً:"مهما كان مبرر الغياب فإنه لا يُعد مبرراً منطقياً، أو سبباً وجيهاً يمكن قبوله، بكونه يؤخر المعاملات، ويجب على الموظف أن يتحمل الأمانة والتكليف بأداء عمله على أكمل وجه وأتم صورة حتى لا يتسبب في حدوث مشكلات وتوترات خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالمنازعات والخصومات وتحقيق العدالة الاجتماعية في القضايا المنظورة أمام الدوائر الداخلية والجهات العدلية، وغيرها القطاعات الخدمية الأخرى التي تمس حياة الناس اليومية ومصالحهم". فيصل الخميس جدولة وتنسيق وأكد "المرشود"" على أن من حق الموظف التمتع بإجازته المستحقة، ليرتاح خلالها من عناء وتعب العمل، إلاّ أنه طالب أن يكون هناك جدولة دقيقة وبرنامج زمني محدد لتنسيق خروج الموظفين إلى إجازاتهم، بحيث لا يؤدي ذلك إلى تعطيل مصالح الناس وحبس المعاملات في الأدراج إلى حين عودة الموظف المختص من الإجازة، إذ أنه يوجد معاملات لا تحتمل التأخير، ويترتب على تأخيرها أضرار تلحق ببعض الأطراف، مما يستدعي إيجاد البديل المناسب الذي يستلم موقع الموظف المجاز ويكمل الإجراءات التي بحوزته، مضيفاً:"ينبغي أن لا يحصر التعامل مع مصالح الناس بالأفراد، بل أن يكون قائماً على أساس الكيان المؤسسي الذي لا يقف فيه خروج أو غياب مسئول أو موظف ما، حائلاً دون النظر في المصالح والبت فيها وذلك بعدم ربط الصلاحيات ومركزتها بيد شخص محدد، إلى جانب أن تكون هناك مرونة وتخويل للسلطات لمن ينوبون عنه وهذا هو النظام المعمول به في الأنظمة الإدارية الحديثة التي تسعى لتطبق معايير الجودة". عادل الزنيدي وذكر أنه لا يوجد شك في أن ولاة الأمر والقيادات العليا يشددون دائما على عدم تأخير البت في كافة القضايا، حتى تتحقق العدالة بين الناس ولا يظلم أحد بتأخير معاملاته، وعدم انجازها في الوقت المحدد على قاعدة لا ضرر ولا ضرار، مؤكداً على أهمية الارتقاء بأساليب الإدارة لمصالح الناس، واستخدام التقنية الحديثة والأنظمة الالكترونية، بحيث يسهل الرجوع إليها وإنجاز إجراءاتها دون الحاجة إلى انتظار عودة الموظف من إجازته. وشدد على أهمية عدم إحالة أي متابعات لموظف مجاز، أو يوشك على بدء إجازته، مالم يكن هناك موظف آخر بديل عنه ومتواجد في موقعه، مضيفاً:"يمكن إخطار المراجع الكترونيا بإنجاز معاملته أو موعد جلسته أمام القضاء أو تأجيلها وإبلاغه بالموعد الجديد عبر رسالة جوال في حالة العذر الطارئ، خاصة إذا ما كان سيأتي لحضور الجلسة من منطقة بعيدة"، مطالباً بتطبيق مبدأ الثواب والعقاب بحق الموظفين المقصرين الذين يكثرون من الغياب أو الإجازات بمبررات واهية، إلى جانب وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، لأن العبث بمصالح الناس وضياع حقوقهم وعدم البت في معاملات استوفت جميع متطلباتها يتسبب في كثير الأضرار، مطالباً بالإفادة من التجارب المتطورة في هذا المجال. محمد المرشود