يحكي لي شاب تخرج في جامعة الملك سعود بتقدير (مقبول)، ولا تزكية فقد يكون لظروف خاصة أو تقصير منه جعله يخرج بهذا المستوى من الجامعة، يستطرد الشاب حديثه فيقول، بعد ذلك ذهبت إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لإكمال الماجستير عن طريق بعثة لبرنامج الملك عبد الله حفظه الله، وكانت الرغبة والحماس موجودان ولظروف الحياة الجميلة التي قضاها هناك، وطريقة التعليم السليمة، والبيئة التعليمية المساعدة، فقد تخرج من إحدى أفضل الجامعات بالقطاع الشمالي لأمريكا، وبتقدير ( امتياز), ولم يفصله عن مرتبة الشرف إلا جزء بسيط جدا، وفي غمرة الفرح والشعور بالرضاء عن النفس، والإنجاز المحقق، وطمس ملامح الفترة التعليمية الماضية بتقديرها ( المقبول) التي أحسسته بوصمة عار في مسيرته التعليمية ( طبعا بعد اخذ الامتياز )، تفاجأ بصدمة ألا وهي ( معادلة الشهادات في التعليم العالي ) إذ أقحموا الماضي بالحاضر، وخلطوا الحابل بالنابل، وشوهوا الإنجاز دون أسباب يقبلها العقل!! ولك يا عزيزي القارئ الحكم في ذلك: يقول الشاب توجهت لمعادلة الشهادة بغرض الاعتراف بشهادة الماجستير (وهذا الإجراء لكي يوضح أن الجامعة والتخصص معترف بهما)، ولكن إليكم ما كتب في شهادة الاعتراف.. (حصل فلان الفلاني على ماجستير بتخصص كذا وكذا، علما أن تقديره في مرحلة البكالوريوس كان ( مقبول)!! سؤالي الأول: أليست شهادة الاعتراف خاصة بمرحلة الماجستير؟ لماذا لم يذكر تقدير تلك المرحلة وهي (الامتياز)؟ سؤالي الثاني: أليست شهادة الاعتراف خاصة بمرحلة الماجستير؟ فما دخل ذكر تقدير مرحلة البكالوريوس (مقبول)؟ بعد سماعي للقصة حاولت إيجاد مبرر لما ذكر، أو سبب لتبنى هذا النهج في المعادلة، فقمت بعصر التفكير فلم أجد إلا ثلاثة أسباب، أما الأول قد يكون حرصاً وخوفاً على مصالح أصحاب الأعمال من (قطاع حكومي وخاص) بتوضيح تاريخ تقدير المتقدم وكأنها أيضا ليست موجودة في السيرة الذاتية، فجزاها الله عن أصحاب الأعمال خيرا !! أما السبب الثاني قد يكون النظام قديماً، أو باقي أطلال آلية إجراء سابقة، ولا يعرف عن سبب وضعه، والسبب الأخير و إن شاء الله أن يكون براء منه، وهو( الإحباط) ومعاداة نظرية( التغيير والتطوير )والإيمان بمقولة (العود من أول ركزة) لذا انعكس الفكر على النظام، وترجمة طريقة التفكير التي تقول (لا يهمك تراه قد أخذ مقبول) بلغة أرقى وأسلوب أجمل على ورقة رسمية بقول (علما انه حصل على تقدير مقبول في درجة البكالوريوس)..! ومن المحزن أن تجد سعودياً يتخرج من جامعة غير معترف بها فيحرم من المعادلة، ويترتب على ذلك حرمانه من فرصة التوظيف على درجة الشهادة الحاصل عليها في القطاع الحكومي وغالب القطاع الخاص (الذي يطلب المعادلة في كثير من الأحيان) وفي نفس الوقت يتخرج من نفس الجامعة أجنبي ويقبل بالوظيفة التي حرم منها السعودي بسبب المعادلة!! وهذا ليس تبريراً لعدم المعادلة بل من العدل تطبيقها على (المواطن والأجنبي)، وسؤالي الأخير بما أن التعليم العالي أوضح الجامعات المعترف بها ووضعها في موقعه الالكتروني، ولا يتم قبول أي مبتعث إلا بعد التأكد من قبوله في جامعة وتخصص معترف بهما، وأيضا تقوم الملحقيات بالتصديق على الجامعات ومتابعة الطلاب عن طريق المشرفين ( حضور وتواجد في البلد والمواد المدروسة الخ )، فما الداعي من المعادلة لطلاب برنامج الابتعاث الحكومي!! كان الأولى التركيز بفحص شهادات الأجانب والدارسين على حسابهم الخاص بدلا من إهدار الوقت وتكرار العملية لمبتعثي برنامج الملك عبد الله أطال الله عمره، حتى وإن كان لهم دور في المعادلة فيفترض أن يعطى للملحقيات فهي الأقرب للطالب والجامعات التي درس فيها.! * مساعد مدير إدارة طب الأسرة والمجتمع بمستشفى قوى الأمن