لابد أن الكثير يعلم أن استئجار المخيمات والاستراحات البعيدة هذه الأيام يعادل أو يقترب من ثمن رحلة إلى نيس في جنوبفرنسا. هذا دليل على حب أهل منطقتنا على الفعاليات التي يمتزج فيها التراث. ولكي يحصل المرء على مخيم عليه أن يحجز مقدما، تماما مثل الباخرة السياحية التي تجوب بحر إيجه. وكان الآباء يستأجرون حمارا أو إثنين لحمل ما يثقل من التجهيزات، ويسيرون خلفه إلى أبعد مكان من المدينة، حيث توجد غدران وعشب ومناظر طبيعية وهواء عليل. يمضون الأيام متحررين من القيود بين لعب وغناء في الليل ومزاح وطبخ. وما أرى أن تلك العادة عادت من جديد، إلاّ في بعض جوانبها العملية كالمواصلات وشد الخيمة، وربما أخذوا معهم طباخا ليساعدهم في الطبخ وغسل الأواني، والخوض في موضوع كهذا جّرني إلى رواية حكاية ماتعة قالها لي الزميل تركي السديري، رئيس التحرير، حيث دُعي مع زميل آخر لقضاء (كشته) في (شاليه!) بالمنطقة الشرقية، يطل على البحر، وكل شيء مُجهّز. وامتنع زميله عن الاستجابة للدعوة، مفضلا الذهاب مع أصحاب إلى البرّية ومعهم الوافر من لحم الحاشي. معللا ذلك انه ارتباط سابق، وثانيا أن كلمة (شاليه) "شوي غريبة على مفردة كشته". وأنه يُفضل الذهاب مع ربعه. آتي إلى مفردة "كشته" العامية، وأرى المهتمين يجتهدون في البحث عن أصلها واشتقاقها، وهل هي منحوتة من لغة الجوار الجغرافي للوطن العربي. وأقول إن الكثير من مفردات لغة التخاطب في الجزيرة العربية والخليج سماعية. أي لا يوجد لها اشتقاق مُثبت ذو دلالة وتأكيد. ويميل بعض المهتمين إلى أنها من تركيا. ولم تعرفها اللغة المحلية قبل ذلك. ولا أميل إلى الاتفاق معهم، إلا إذا كانوا أخذوا المفردة التركية ( كاستانيولا ) kastanyola - والتي تعني فعلا في اللغة التركيّة (نزهة بريّة). ويحتاج ذلك إلى توثيق، سيما وأن المفردة موسمية وتداولها لا يُمثل الاهتمام كبقية مفردات التخاطب العامية وقرأنا أن الهيئة العامة للسياحة والآثار أقامت دورة، أو برنامجا اسمه "لا تترك أثراً" سوف تسهم بالحفاظ على البيئة بصفة مستدامة وسوف تنعكس على السياحة البيئية في المملكة وقضاء أوقات ممتعة. وإن الهيئة وبالتعاون مع شركائها في القطاعين العام والخاص تعمل على بناء الثقافة البيئية في أجواء السياحة السعودية. وهذا البرنامج يأتي ضمن عدة برامج تسعى إلى تعميق مفهوم المبادئ السبعة في برنامج لا تترك أثراً ومساندة له كبرنامج التربية السياحية المدرسية (ابتسم) الذي يستهدف 100 ألف طالب سنويا، وكذلك برنامج "السياحة تثري" الموجه للمجتمعات المحلية والذي يستهدف هذا العام 40 برنامجا في مناطق المملكة.