لم أجد مبررا كافيا للهجوم المكثف والانتقادات اللاذعة الموجهة لهيئة مكافحة الفساد بسبب الحملة الإعلامية الفكرية التوعوية التي أطلقتها الهيئة مؤخرا. الحملة الإعلامية – بالتأكيد - ليست كل شيء في جعبة الهيئة. ما هي إلا جزء واحد من عمل الهيئة؛ والهيئة بأكملها ما هي إلا جزء واحد من حزمة الحلول القائمة لمكافحة الفساد. هكذا يقول المنطق . ليس من المعقول أن الوزارات والإدارات تعتمد في كشف الفساد داخل أروقتها على هيئة مكافحة الفساد. كل جهة لها أقسامها الخاصة ورجالها المتابعون لسير الأعمال ونزاهتها. كذلك هناك جهات حكومية تشترك بطريقة أو بأخرى في الحد من الفساد بأنواعه وتتبع الفاسدين ومعاقبتهم. لو كان الأمر كذلك من تحمل هيئة مكافحة الفساد المسئولية لوحدها لاضطرت الهيئة لفتح فروع لها في الجهات الأخرى ؛ وهذا بالطبع لن يكون عمليا فضلا عن خروج الهيئة عن مهامها المحددة. لا تحملوا الهيئة فوق طاقتها. الانتشار العرضي للفساد لا يمكن الإحاطة به بسهولة دون تعاون المجتمع. بعض الناس يعتقد ان ثقافته – التي يدعيها – لا تكتمل إلا حين يؤطرها بالحديث المكرر عن مفردة " الفساد " في الصحف والمنتديات والمجالس. أصبح الأطفال الصغار يسمعون هذه الكلمة أكثر من كلمة النزاهة التي لا يدرون عن معناها. دعونا نبني مجتمعا يتشارك في اشعال الشموع ويترك منه الانشغال في شتم الظلام. الهيئة طلبت منا مساعدتها في عملها؛ وسيكون لها ذلك إن شاء الله.