يطلق بعض العسكريين الأمريكيين على أبي مصعب الزرقاوي مختلف الأسماء غير ان القوات الأمريكية ومهما أطلقت عليه من أسماء وصفات فإنها تجد فيه هدفا مهما للغاية صعب المنال فاذا ما تمكنوا من إلقاء القبض على الزرقاوي الأردني الجنسية الذي يصفه زعيم القاعدة اسامه بن لادن بأنه زعيم القاعدة في العراق، فانهم يأملون في توجيه ضربة قوية وربما قاتلة إلى إحدى مقومات المقاومة في العراق وهي المجموعات الإسلامية المتشددة التي تجذب إليها متطرفين من كافة أرجاء الشرق الأوسط للقيام بهجمات انتحارية والقيام بقطع الأعناق وممارسات وحشية أخرى. علما بان اعتقال صدام حسين في عام 2003 لم ينجح في تسديد مثل هذه الضربة المعنوية الى المقاومة العراقية بل ويعلم قادة عسكريون أمريكيون ان اعتقال او قتل الزرقاوي ربما لن يحدث مثل هذا الأمر أيضا فقد أوضح أحد الضباط الكبار قائلا إن الأمر لا يتعلق بشخص واحد وانما بشبكة خلايا تابعة له في كافة أرجاء العراق. وبالرغم من ذلك فان الضباط الأمريكيين لا يزالون يتداولون في مجالسهم الخاصة ان استئصال الزرقاوي سيرفع من معنويات الجنود الأمريكيين اكثر من أي شيء آخر ولربما يوجه ضربة قاتلة إلى الإرهابيين والذين كانت التفجيرات الانتحارية سلاحهم الرئيسي خلال الشهر الماضي فقد قتل الإرهابيون نحو ثمانمائة شخص واكثر من سبعين جنديا أمريكيا خلال تلك الفترة . وكانت هذه خلفية لاهم الحملات العسكرية في العراق والتي لم يفصل في جدواها حتى الآن فقد اقترب الجنود الأمريكيون من المسالك التي تتسلل منها عناصر المقاومة إلى أعماق الأراضي العراقية من ممر لنهر الفرات عبر مدينتي راوه والحديثة الحدودية عبر الرمادي والفلوجة إلى بغداد وقد اصبح هذا الدهليز بمثابة «ممر هوشي منه» في هذه الحرب. ومثلما كان مصدر الأذى والهلاك للقادة العسكريين الأمريكيين في فيتنام كذلك يعتبر هذا الممر النهري غير ان امتداد النهر الذي يصل الى ثلاثمائة ميل لا يمثل طريقا واحدا فان بعض هذه الضفاف يقترب من مناطق غابات النخيل والقصب القائمة على ضفاف النهر بينما يتجه بعضها إلى صحراء قاحلة. ولمرتين منذ أوائل مايو وفي مجموعة من المدن الصغيرة بالقرب من مدينة القائم وحول مدينة الحديثة استعدت الفرقة الثانية من مشاة البحرية مدعومة بوحدات من الجيش الأمريكي وبقوات عراقية من مدينة الحديثة لمواجهة شبكة الزرقاوي غير ان نتائج تلك الحملة كانت مخيبة للآمال وفشلت في تدويخ العناصر المسلحة. وكانت قوات مشاة البحرية الأمريكية قد قامت بعملياتها في مدينة القائم بموجب معلومات سرية تلقتها مفاداها ان الزرقاوي وبعض كبار أعوانه قد عثروا على ملاذ آمن لهم وسط زعماء عشائر اسفل النهر بالقرب من مدينة الحديثة وقام الأمريكيون بتشكيل مجموعة قتالية تتألف من ألف جندي بهدف قطع الطريق امام تقهقره في أعلى النهر وشن هجوم ضده في الصحراء على الجانب الجنوبي من النهر وبعدها بالقرب من الحدود السورية وقامت قوات مشاة البحرية بعبور الضفة الشمالية للنهر على جسر متحرك غير أن تلك كانت مناورة خاسرة و مضيعة للوقت افقدت تلك القوات عنصر المباغتة المهم حسبما قال بعض الضباط. وبعدها واجهت القوات الأمريكية مقاومة عنيفة في العبيدة حيث كانت هنالك حاجة إلى هجمات متكررة من قبل قوات مشاة البحرية تدعهما قذائف المدفعية وقصف جوي من مقاتلات لإخماد مجموعة واحدة من المقاتلين الإسلاميين. ووصف تقرير لمراسل الواشنطن بوست كيفية منازلة المقاتلين للجنود الأمريكيين وقصفهم بقذائف مخصصة لاختراق الدروع وعندما هدأت المعركة اكتشف جنود مشاة البحرية ان كثيرا من المقاتلين تمكنوا من الفرار من ميدان المعركة حيث اتجه بعضهم غربا إلى الحدود السورية بينما اتجه آخرون إلى داخل العراق. وفي بغداد اعترف ضباط أمريكيون بان أمل تدمير شبكة تسلل المقاتلين لم يتحقق وقال أحدهم إن مشكلة تسرب العناصر المقاتلة عبر الحدود لاتزال قائمة، واتضحت هذه المشكلة بجلاء الأسبوع الماضي في الحادثة التي وقعت بالقرب من راوه حيث قتل محافظ الانبارالمختطف خلال تبادل لاطلاق النار بين عناصر المقاومة ودورية للقوات الأمريكية. (خدمة نيويورك تايمز خاص ب «الرياض»)