أكد عدد من الباحثين والأكاديميين على أهمية استغلال الطفرة التي تمر بها صناعة البحث العلمي في المملكة، مع التوجه التدريجي من الجامعات نحو عقد شراكات وتمويل مشاريع كراسي بحثية مع عدد من الشخصيات ورجال الأعمال والشركات الكبرى في المملكة. وشهدت الكراسي البحثية في السنوات الخمس الماضية نموا هائلا بالمقارنة على ما كانت عليه خلال العقدين الماضيين، لكنها مع ذلك تظل متدنية ودون المستوى إذا ما قورنت بالجامعات العالمية في الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وتحتاج إلى مزيد من ضخ الأموال لتعزيز صناعة البحث العلمي في المملكة، وإعطائها صفة الاستدامة وبما يعود بالفائدة على ممولي الكراسي البحثية في الجامعات السعودية. د. العسكر : إيراد كراسي البحث يفوق ما صرف على البحث العلمي في سنين طويلة وقال الدكتور فهد بن عبدالعزيز العسكر أستاذ الإعلام وعميد البحث العلمي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إن الأبعاد الاقتصادية لكراسي البحث متعددة ومتنوعة، وتشمل عدة جوانب، منها تعظيم الموارد المالية للجامعات المخصصة للبحث العلمي، حيث إن بعض الجامعات حرصت من خلال دخلها من كراسي البحث على زيادة الإنفاق على البحث العلمي وتميزه عما كان عليه خلال سنوات طويلة من التعليم العالي في المملكة. وأوضح العسكر أن إجمالي إيراد الجامعة من كراسي البحث يفوق ما صرف على البحث العلمي في سنين طويلة من تاريخ الجامعة، وأن الجانب الثاني أوجد فرصة استثمارية جيدة بالنسبة لممولي البحث العلمي خاصة تلك لموجهة إلى الخدمة المجتمعية، ما قدم للممولين فرصا استثمارية في أعمال يجدون فوائدها في المستقبل. د. الأحمري: الكثير من الكراسي قام عن طريق شراكات مع رجال الأعمال والقطاع الخاص أما الجانب الآخر للإنفاق البحثي، فهو استفادة الباحثين مع تزايد الإقبال منهم على البحث لارتفاع العائد بالنسبة إليهم بالمقارنة بما يحصلون عليه في السابق، حيث إن اللائحة التقليدية الموحدة المتبعة في السابق في البحث العلمي واحدة من أهم المعوقات في إقبال الباحثين على البحث العلمي، بعد أن وجدوا مصادر دخل. وشدد الدكتور العسكر على أنه حتى نضمن استمرارية إقبال الممولين على كراسي البحث، فإنه من المهم جدا أن تضبط الجامعات وتطور آليات تجويد الأداء ورقابته حتى تضمن استدامة المصادر المالية وذلك بالقدر التي تجعل هذه المراكز، إلى جانب التقنين في الكراسي البحثية حتى تؤدي الدور المناط بها. وبين العسكر أن تطوير معطيات الجامعات للكراسي يجب ان يركز على استقطاب ممولين جدد من خلال نتائج كراسي البحث الحالية وجدوى ما يقدمونه والتواصل مع الممولين المستقبلين وإقناعهم بأنهم شركاء في هذه الكراسي بالاتصال الجيد مع الممولين واطلاعهم على كل النتائج والتطورات سواء قبل بداية عمل الكرسي أو بعده. ابن حجر : نحتاج مراحل أكثر من الواقع لصناعة البحث العلمي من جانبه أوضح الدكتور عبدالرحمن بن مشبب الأحمري أستاذ الهندسة الصناعية بجامعة الملك سعود ومدير مركز التميز البحثي في المواد الهندسية والمشرف على كرسي الأميرة فاطمة النجرس لأبحاث تقنية التصنيع المتقدمة، أن فكرة الكراسي العلمية البحثية ليست فكرة جديدة على المستوى العالمي، وربما يكون تبني هذه الفكرة حديثا بالنسبة للجامعات السعودية، حيث شهدت السنوات القليلة الماضية ظهور عدد كبير من كراسي الأبحاث في الجامعات السعودية وفي مختلف المجالات سواء كانت المجالات الهندسية أو الطبية أو مجالات العلوم الإنسانية وغيرها. د. عبد الرحمن الأحمري وأضاف الأحمري ان من الكثير من تلك الكراسي قام عن طريق شراكات مع رجال الأعمال والقطاع الخاص بهدف دعم مجالات علمية متخصصة ضمن منظومة البحث العلمي القائم في الأقسام الأكاديمية. وبين الأحمري أنه من خلال عمله كمشرف على كرسي الأميرة فاطمة النجرس لأبحاث تقنية التصنيع المتقدمة والمدعوم من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن مساعد بن عبدالعزيز، فلا شك أن للكراسي البحثية دورا كبيرا ومهما جدا في دعم مسيرة البحث العلمي فمن خلال مبادرة كراسي البحث في جامعة الملك سعود تم تأسيس مختبرات متقدمة واستقطاب باحثين متميزين وتكوين فرق بحثية من أعضاء هيئة التدريس في مجالات تخصصية مهمة كما أدى ذلك إلى دعم برامج الدراسات العليا واستقطاب الطلبة المتميزين. وتابع أنه من خلال ذلك نجد أن هناك تأثيرا كبيرا وتغيرا واضحا في مسيرة البحث العلمي من خلال المبادرات الناجحة الداعمة خاصة أن معدل الإنفاق على البحث العلمي لايزال قليلا جدا مقارنة بالبلدان الأخرى. د. عبدالرحمن بن حجر وأوضح أنه بالنظر إلى مؤشرات الإنجاز للعديد من الكراسي وهي مؤشرات رقمية والتي يتم تحديثها بشكل مستمر يتضح الدور الكبير الذي تؤديه في دعم النشاط البحثي، فهناك العديد من براءات الاختراع تم تسجيلها من خلال كراسي الأبحاث كما تم نشر الكثير من الأبحاث العلمية في مجلات عالمية مرموقة وتأليف كتب متخصصة،ولا يمكن لأي اقتصاد أن ينمو بشكل سريع إلا من خلال تنمية وتطوير ودعم البحث العلمي والتي تعتبر كراسي البحث العلمي احدى المبادرات الفاعلة فيه. من جانب آخر، أوضح الدكتور عبدالرحمن بن حجر المشرف على كرسي الأمير سلطان بن عبدالعزيز لأبحاث الإعاقة السمعية، أن واقع الكراسي البحثية وحجم الإنفاق عليها يبين حجم النقلة الكبيرة في الإنفاق على البحث العلمي. وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية استيعاب المرحلة الحالية لواقع الكراسي البحثية، مع الإقبال من المسئولين ورجال الأعمال والشركات على تقديم الدعم المالي للكراسي البحثية، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة الانتقال إلى مراحل أكثر من الواقع فيما يتعلق بصناعة البحث العلمي.