اعربت عائلات المعتقلين السعوديين في غوانتانامو عن تفاؤلها بنهاية لأزمة ابنائهم في معتقل غوانتانامو والتي دخلت عامها الثالث دون اي تحرك يذكر من السلطات الامريكية حيال تحديد مصيرهم اما بعرضهم على المحاكم الفيدرالية المدنية او تسليمهم للمملكة. وفي حوار اجرته «الرياض» مع المحامي كاتب الشمري عضو فريق المحامين السعوديين في غوانتانامو ابدى تفاؤل فريقه في نهاية قريبة لازمة المعتقلين السعوديين في غوانتانامو، باعتبارها قضية سياسية بالدرجة الاولى. وكشف الشمري في ثنايا الحوار عن ان لجانا عسكرية قامت باستجواب غالبية المعتقلين في غوانتانامو حيث انقسم موقف المعتقلين تجاه شرعية هذه اللجان بين من قبل بالامر وبين من لم يبد اي تجاوب مع تلك اللجان. وقد شهد معتقل غوانتانامو - بحسب عضو الفريق - ثلاثة اضرابات واعمال شغب قام بها المعتقلون احتجاجاً على استمرارية احتجازهم دون تقديمهم للمحاكمة، مؤكداً صحة التقارير الصحافية التي تحدثت عن بتر اطراف المعتقل السعودي عبدالله ثاني العنزي على خلفية اصابة في قدميه، واستعانة المعتقل مشعل الحربي بكرسي متحرك في تنقلاته بعدما حاول الحاق الاذى بنفسه احتجاجاً على المضايقة التي يواجهها من السجان الامريكي اثناء تلاوته لكتاب الله. وعن المعتقلين السعوديين الخمسة الذين افرج عنهم مؤخراً من غوانتانامو اوضح الشمري بأنه تم نقل كل واحد منهم الى السجن الواقع في نفس المدينة التي يعيش بها ذويهم تسهيلاً لامورهم ولتمكين أسرهم من الالتقاء بهم بإستمرار. وتمنى الشمري الا يجد الفريق نفسه مضطراً الى اللجوء الى القضاء الامريكي ليقول كلمة الفصل في اوضاع المعتقلين السعوديين في غوانتانامو.. فإلى نص الحوار: ٭ بصفتك قانونيا، وعضو فريق المحامين السعودي، كيف تنظر الى قضية المعتقلين في غوانتانامو؟ - اولاً، بالنسبة لهذه القضية هي إنسانية بالدرجة الاولى، ومن خلال متابعتنا لهذا الملف الحساس مع الجهات الرسمية والمسؤولين المعنيين والمنظمات الحقوقية والصليب الاحمر نجد بأن هناك تعاطفا واهتماما بهذه القضية، وهذا الامر بيد السلطات الامريكية، ولكن نحن لدينا قناعة تامة بأن المسؤولين في المملكة لن يبخلوا ولن يقصروا في هذا الجانب من خلال المتابعة والمطالبة المستمرة بإعادتهم الى وطنهم، ونحن من جانبنا كمحامين ومهتمين لنا جانب آخر وخط معين من خلال تخصصنا المهني، من خلال المطالبة عبر المنظمات القانونية والإنسانية وتفعيل القضية عبر الرأي العام، ولكن توصلنا الى قناعة بعد هذه الفترة ان قضية غوانتانامو هي قضية سياسية بالدرجة الاولى قبل ان تكون قانونية، والدليل على هذا اجماع المؤتمرين في اجتماع «حقوق الإنسان» الذي عقد في صنعاء العام الماضي من محامين وحقوقيين ومهتمين بهذه القضية ان قضية غوانتانامو سياسية بمجملها ونحن نتفق مع هذا الرأي بدليل ان السلطات الامريكية المختصة لم تمنح مجالاً للقانونيين في امريكا الا بعد صدور قرار المحكمة العليا الذي اقر بأحقية المعتقلين في الترافع امام القضاء الامريكي الفيدرالي، وهذا يدل على ان العدالة والقانون هما سيدا الموقف، ويبقى الدور القانوني مرادفاً للدور السياسي، ونطالب بتفعيل الجانب القانوني لانه يعتبر المساند والمحرك للجانب السياسي في هذه المفاوضات، ونحن متفائلون بأن الجهود الحكومية وصلت الى مراحل متقدمة في هذه القضية. ٭ هل قدم احد من المعتقلين السعوديين الى المحاكمة على ضوء قرار المحكمة العليا الامريكية والذي اعطى المعتقلين حق الترافع امام القضاء الامريكي؟ - للاسف لم تسمح السلطات العسكرية الامريكية للمعتقلين بالمثول امام المحاكم الفيدرالية المدنية بل لجأت الى المحاكم واللجان العسكرية التي تمثل انتهاكاً دستورياً وقانونياً وإنسانياً، ومن خلال معلوماتنا ومقابلتي للمتهم الكويتي ناصر المطيري اثناء حضوري للمحاكمة التي اجريت له مؤخراً، ذكر لي ان اللجان العسكرية قامت باستجواب غالبية المعتقلين بحضور محامين عسكريين ولاقت جلسات الاستماع هذه قبول بعض المعتقلين ورفض البعض الآخر، وما فهمته من المطيري بأن كافة الاتهامات تحمل صفة موحدة للجميع حيث يعتبرون غالبية المعتقلين من «المقاتلين الاعداء»، وهذا الشيء موضع نقد بالنسبة للقانونيين باعتبارها «اتهامات مرسلة»، لان غالبية المعتقلين السعوديين كانوا يقومون بالاعمال الخيرية ومتطوعون، ولا يحملون السلاح، وليسوا اعضاء في تنظيمات عسكرية، انما كانوا متحمسين مع اخوانهم المسلمين في سبيل مساعدتهم في المناطق المنكوبة بأفغانستان خاصة بعد نهاية التدخل الروسي، كما ان كثيرا من السعوديين وغيرهم من الجنسيات الأخرى بحسب معلوماتنا قبض عليهم داخل باكستان وهذه الأخيرة ليست منطقة عمليات حربية، والغريب في الامر، انه بالرغم من ان كثيرا من السعوديين قبض عليهم خارج أراضي العمليات، فكيف يصل بهم الحال الى هذه المرحلة من الاعتقال التعسفي دون ان يقدموا الى المحاكمة او يسلموا الى بلدانهم. ٭ بأى صفة سمح لكاتب الشمري حضور محاكمة ناصر المطيري، وكيف تنظرون الى تعاطي القضاء الكويتي مع هذا المعتقل؟- بصفتي محامي وعضو فريق المحامين السعودي، إضافة إلى كوني أحد المحامين السعوديين المقيدين في جمعية المحامين الكويتية، النظام يسمح لي حضور أي جلسة، فوجدت من المصلحة في القضية أن أحضر لسماع محاكمة المعتقل ومقابلته، حيث سمحت لي السلطات الأمنية المكلفة بالحراسة داخل المحكمة، من مقابلة المعتقل الكويتي ومحادثته. ٭ من خلال مقابلتكم للمعتقل المطيري، هل أطلعكم على أخبار أخرى عن المعتقلين السعوديين في غوانتانامو؟ - نعم، بحسب ما ذكر المعتقل الكويتي المفرج عنه، بأن المعتقلين في غوانتانامو وصلوا إلى مرحلة يتوقعون بأنها قد تحمل بوادر انفراج للأزمة، ومن وجهة نظري فإن الولاياتالمتحدة يجب أن تغلق هذا الملف وذلك لتزايد الضغوطات عليها من الدول التي لها رعايا في المعتقل إضافة إلى المطالبات المستمرة من الجمعيات الحقوقية والمنظمات الدولية والإنسانية والرأي العام التي تضغط باتجاه انهاء أزمة المعتلقين في غوانتانامو، لأنه لا يجوز الاستمرار على هذه الحال، من خلال احتجاز أشخاص لمدة 3 سنوات دون توجيه أي تهم لهم، وأمريكا من الدول الداعية للحريات وحقوق الإنسان. ٭ ماذا عن المعتقلين مشعل الحربي وعبدالله العنزي، وما صحة التقارير الصحافية التي تحدثت عن استعانتهم بالكراسي المتحركة في تنقلاتهم؟ - بحسب المعلومات الأولية، فإن عبدالله العنزي كان مصاباً في أفغانستان وأجريت له عملية في القاعدة، ثم أكملوا علاجه ببتر أطرافه في مستشفى بغوانتانامو، وهو مقعد حالياً على كرسي محرك، أما بالنسبة للحربي وبحسب ما ذكر ناصر المطيري، أنه كان بحبس انفرادي، وكان مداوماً على قراءة القرآن، واستفزه الحارس الأمريكي، بأخذ القرآن منه، واحتجاجاً على هذه المعاملة حاول الحربي إلحاق الأذى بنفسه، وبعد هذه الواقعة أصيب بشلل نصفي، ولكن عقله سليم لم يتأثر بالإعاقة، وأجدني مضطراً لذكر أسماء الأخوة مع اعتذاري لعائلاتهم ولكن لعدم إثارة القلاقل والبلبلة لدى عائلات المعتقلين السعوديين الآخرين كونهم يعيشون وضعاً نفسياً سيئاً مع استمرارية احتجاز أبنائهم، وبشكل عام فقد شهد معتقل غوانتانامو ثلاثة اضرابات وأعمال شغب احتجاجاً من المعتقلين على استمرارية احتجازهم. ٭ ماذا عن السعوديين الخمسة الذين أفرج عنهم مؤخراً من غوانتانامو، هل تم تقديمهم إلى المحاكمة في المملكة، وهل لا يزالون رهن الاعتقال؟ - في بداية الأمر مكنتنا السلطات المختصة السعودية من زيارتهم، وأثناء الزيارة عرضنا خدماتنا القانونية على المعتقلين الخمسة بمجرد وصولهم إلى المملكة، ولكنهم شكرونا، وقالوا «بما أننا خرجنا من غوانتانامو ووصلنا إلى وطننا الأم فهي الحامي والمحامي»، ثم وبحسب معلوماتنا فإن السلطات مكنتهم منذ البداية من الالتقاء بعائلاتهم، وبعد فترة وبحسب آخر المعلومات المتوافرة لدينا، تم نقل كل واحد منهم إلى السجن الواقع في نفس المدينة التي يعيش بها ذوو المعتقلين، تسهيلاً لأمورهم ولتمكين أسرهم من الالتقاء بهم باستمرار. ٭ ذكرت من خلال اللقاء بأن قضية معتقلي غوانتانامو سياسية أكثر من كونها قانونية، هل تعولون على تفاهمات سياسية تحدث تحولاً كبيراً في القضية؟ - نتوقع من ولاة الأمر كل خير، وسمو ولي العهد صاحب القلب الكبير، نتوقع منه الكثير بهذا الخصوص، ونحن متفائلون خيراً بانفراج أزمة المعتقلين السعوديين بغوانتانامو، فهم حريصون كل الحرص على أبناء الوطن، وفي هذا السياق يعول أهالي المعتقلين على الكثير فيما يخص أبناءهم المعتقلين الذين طال انتظار الافراج عنهم. ٭ كقانوني، كيف تنظر إلى محاولة إلصاق الإرهاب ببعض الدول ومنها المملكة من خلال الحملة المغرضة بعد أحداث 11 سبتمبر؟ وما نتج عن هذه الحملات الإعلامية المغرضة؟ - لابد أن ننوه بأن بلادنا ودول الخليج العربية بالذات ليس لها علاقات عداء مع أمريكا، ولم ترسل أي كان لا من رعاياها ولا من غيرهم لمحاربة أمريكا إلحاق الأذى بها، ودولنا دول مسالمة تسعى دائماً إلى احترام المواثيق الدولية وبناء علاقات الثقة والصداقة مع الجميع ولها أنظمة قضائية قادرة على التعامل مع جرائم المساس بالأمن الداخلي أو الخارجي للدولة، ودولنا لها اتفاقيات قضائية وتعاون دولي في المواد الجزائية سواء في إطار الجامعة العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي أو على أساس ثنائى مع دول عدة، فالدعوة التي أطلقها سمو ولي العهد لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب دليل على اهتمام وقناعة حكومة بلادنا بضرورة محاربة الإرهاب والقضاء عليه، إضافة إلى تقرير لجنة أحداث 11 سبتمبر في الكونغرس الأمريكي الذي برأ ساحة المملكة من هذه الأحداث. ٭ هل هناك نية من الفريق لتصعيد قضية المعتقلين السعوديين إلى المحاكم الأمريكية إذا لم تفلح المحاولات الدبلوماسية؟ - ليس تصعيداً بهذا المعنى، ولكن أهالي المعتقلين وصلوا إلى مرحلة اليأس، طال أمد انتظارهم، فبالرغم من وجود مطالبات مستمرة، ومساع حثيثة، لإنهاء أزمة المعتقلين، إلا أنها لم تحل، أصبحنا محرجين أمام الأهالي والرأي العام، لابد أن نقدم شيئاً، نحن نعلم أن المسؤولين والسلطات المختصة السعودية مستمرة بمساعيها الدبلوماسية، ولكن نحن لنا دور معين لابد من تفعيله من الناحية القانونية كفريق للمحامين، وهناك في جدول عمل الفريق زيارة قام بها رئيس الفريق المحامي أحمد مظهر للولايات المتحدة حيث بحث آخر المستجدات حول المعتقلين السعوديين مع المسؤولين الأمريكيين والتشاور مع مكاتب محاماة أمريكية حول إمكانية تقديم المعتقلين السعوديين للمحاكمة، ونأمل ألا نحتاج إلى هذه الخطوة في حالة التوصل إلى انفراج أزمة المعتقلين بواسطة المفاوضات الرسمية القائمة بين سلطان البلدين، ومع هذا كله فنحن حريصون كل الحرص على الإفراج عن المعتقلين ومحاكمة من تتوافر أدلة ضده، ونحن لا نطالب إلا بتحقيق العدالة وتطبيق القانون والنظام على هؤلاء، ومن العدالة والانصاف أن المتهم بريء حتى ثبوت العكس.