من ليون مانجاساريان - ليس هناك شك في أن أنجيلا ميركل التي اختارها التحالف المسيحي الديمقراطي المعارض في المانيا يوم الاثنين الماضي مرشحة محافظة لمنصب المستشارية لديها فرص قوية لان تصبح أول « زعيمة » في البلاد في انتخابات الخريف التي يسعى لخوضها المستشار جيرهارد شرودر المحاصر بالمشاكل. والحقيقة أن انخراط ميركل في معترك العمل السياسي والتي يرى البعض أنها الرد الالماني على رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر شهد بزوغ نجمها خلال الخمسة عشر عاما الماضية عندما بدأت عملها في مجال الفيزياء في برلينالشرقية إلى أن صارت زعيمة لحزب يمين الوسط الرئيسي في ألمانيا. ويأمل العديد من الناخبين في أن تتمكن ميركل من اتخاذ قرارات إصلاحية صعبة لحل مشكلة البطالة لتي بلغت نسبتها 12 في ألمانيا فضلا عن حل مشكلة الركود الاقتصادي التي تشهدها البلاد منذ سنوات. وتظهر كافة استطلاعات الرأي أن ميركل في طريقها إلى هزيمة المستشار الالماني في الانتخابات العامة المقررة في 18سبتمبر المقبل. وقضت ميركل وهي ابنة قس بروتستانتي ألماني شرقي سنواتها الخمس والثلاثين الاولى في الشطر الشيوعي المتشدد من ألمانيا حيث ترعرعت في قرية تيمبلين التي تحيط بها الغابات والبحيرات وتبعد حوالي 50 كيلومترا شمالي برلين. وقد اعتاد عملاء جهاز الشرطة السرية (ستاسي) زيارة منزل والدها بين الحين والاخر لانه كان يقوم بين أشياء أخرى بتوزيع أعمال المنشق السوفيتي أندريه ساخاروف. وسرعان ما تعلمت ميركل ألا تتفوه أبدا علنا بأية أشياء ناقشتها الاسرة على مائدة الطعام. فبرغم أنها لم تكن معارضة إلا أن طبيعة ميركل التي تميل إلى الصراحة والجرأة جلبت لها متاعب مع السلطات. ومن ثم حرمت ميركل من أول خيار لها في مجال عملها لكي تصبح معلمة وذلك بسبب خلفيتها العائلية. حين تقدمت لشغل وظيفة بجامعة فنية في ثورينجيا في عام 1978 واتهمها موظفوالشرطة السرية (ستاسي) بالاستماع إلى إذاعة ألمانياالغربية. وعندئذ حاول هؤلاء تجنيدها كجاسوسة لحساب ستاسي.ووفقا لماذكرته مجلة شتيرن نجحت ميركل في إقناعهم بأنها لن تكون ذات جدوى في عملها كجاسوسة لانها لا تستطيع الابقاء على فمها مغلقا. وكما كان الحال مع أبيها الروحي في مضمار السياسة وهو المستشار الاسبق لهلموت كول فإن الكثيرين دأبوا على التقليل من شأن أنجيلا ميركل طوال عملها في عالم السياسة. وشأن كول أيضا فإنها تتميز بذلك الاحساس القوي لديها بفقدان الثقة والذي يستهدف كل شخص تقريبا فيما عدا أفراد أسرتها ومجموعة صغيرة من الحلفاء السياسيين. أما عن مظهر ميركل ولاسيما شعرها الذي لا يبدو أنيقا للوهلة الاولى فضلا عن تغيير شكله وهيئته بصورة متكررة فإنه كان مثار تعليقات هائلة وانتقادات واسعة لدى وسائل الاعلام في ألمانيا. بيد أن ميركل اعتادت أن تتقبل هذا الامر بروح الدعابة حتى وإن كانت هي وغيرها من الزعيمات السياسيات يمتعضن أيضا من أن السياسيين من الرجال لا يواجهون أبدا مثل هذا التدقيق فيما يتعلق بمظهرهم. وعلى أي حال فإن ثمة تحولاً طرأ على مظهر ميركل اليوم حيث تبدو الان امرأة أنيقة ذات شعر أطول وترتدي ملابسها وفقا لاحدث خطوط الموضة. وانتخبت ميركل في أول برلمان لعموم ألمانيا في عام 1990 ثم ضمها المستشار هلموت كول إلى حكومته في عام 1991. وشغلت ميركل منصب وزيرة شؤون المرأة والشباب في الفترة من عام 1991 إلى عام 1994 ثم وزيرة للبيئة من عام 1994 إليعام 1998. ويذكر أن خبرة ميركل على المستوى الدولي لم تتخط عدة مقابلات مع بعض زعماء العالم بوصفها زعيمة حزب المعارضة الرئيسي في ألمانيا ويقال أن درجة إتقانها للغة الانجليزية تحسنت بصورة كبيرة خلال السنوات الاخيرة وأن إتقانها للغة الروسية جيد. وكانت ميركل أعلنت في عام 2003 مساندتها للحرب على العراق ولكنها كانت دائما على حذر من الدعوة لارسال قوات ألمانيةللحرب. ومن بين المشكلات الانتخابية التي تواجه ميركل أنها تتوافق بالكاد مع القالب التقليدي لتحالف الحزبين المسيحي الديمقراطي /الاتحاد المسيحي الاجتماعي والذي يهيمن عليه الرجال فضلا عن كونه كاثوليكيا. وباعتبارها بروتستانتية وأنها تزوجت مرتين وليس لديها أطفال فإن ميركل تظل موضع انتقاد دائم من بعض الالمان الجنوبيين والغربيين الذين يشكلون العمود الفقري للناخبين المحافظين في البلاد. وتضعها سياساتها المعتدلة بشأن الاجهاض وحقوق المرأة على الجناح المعتدل للتحالف المسيحي الديمقراطي. فهي تعارض الاجهاض ولكنها تصر على أن هدفها هو إقناع النساء بعدم اللجوء للاجهاض أكثر من السعي لحظر ألماني عليه. ميركل متزوجة من أستاذ في الكيمياء معروف عنه تجنبه للشهرة وعالم الاضواء إلى حد كبير.