الجهات الأمنية ببلادنا ضبطت " عاملا " بمطعم يقوم بتحويل مبالغ بشيكات ومن خلال فروع بنكية وصلت قيمتها 800 مليون ريال، وكان هذا العامل يتقاضى 150 ريالا فقط مقابل كل شيك يتم إيداعه كما نشر بهذه الصحيفة قبل أيام. حين نفتح هذا الملف لن يكون من خلال كيف يحول أو كيف يمكن له أن يسرب ويخرج هذا المال لأن من السهولة ضبط ذلك فلا يمكن خروج مبالغ مالية " بحوالة " إلا أن تكون قد مرت من خلال مؤسسة النقد، وقد يكون ذلك هو ما كشف موضوع التحويل، ولكن يمكن أيضا تحويل مبالغ بطريقة شرعية وعادية وتذهب وهي في الأساس مبالغ مقابل غسيل أموال أو تستر أو غيرها من صور الاستغلال الاقتصادي والتجاري ببلادنا . السؤال هنا من أين أتى المبلغ؟ أين جذورالمبلغ ولماذا يتم اللجوء الى عمالة تحول هذه المبالغ الطائلة ؟ هذا يعني أن هناك تأصيلا وأصلا للاختراق الاقتصادي والاستنزاف له ، فكيف يمكن تحويل أرقام " فلكية " من خلال أساليب عادية بحوالة عادية ؟ وهل النظام المصرفي ضعيف ؟ أم أنه توجد شركات وهمية تسرب هذه الأموال من الاقتصاد نفسه ؟ أم هي قادمة من الخارج ونحن محطة مرور لها ؟ لكن في تقديري أن مبلغ 800 مليون ريال تحول ليست من نشاط تجاري عادي سواء أكان مطعما أومطاعم ، بل هي أكبر من ذلك بكثير ، ويصعب تحديدها لعدم وجود بيانات وأفصاح دقيق حول ذلك . سبق أن أشرنا إلى حجم التحويلات الأجنبية وحجم النمو والارتفاع الذي يحصل بها سنويا فهي تفوق 100 مليار ريال رسميا، عدا ما هو غير رسمي ، فهناك محلات صرافة تمارس التحويلات بطريقة وأخرى لا تمر من خلال النظام المصرفي لدينا، وهي منتشرة كثيرا بمحلات صغيرة، إن حجم الاستنزاف والتفريغ الكبير الذي يحصل لدينا هو كبير جدا وبالأرقام نتحدث لا غيرها ، نتحدث عن مليارات الريالات سواء تحويلات من عمالة أجنبية أومن أنشطة تجارية متستر عليها، وهي عالية جدا لدرجة وصلنا إلى صعوبة إيجاد الحلول لها . وهذا يعني " امتصاص " اقتصادي وإنهاك وضعف له وقتل فرص العمل ببلادنا بسيطرة الأجنبي غير الشرعية، نعتقد من المهم أن يعاد النظر بالرقابة على التحويلات الأجنبية ، وفحص الأنشطة الاقتصادية ووجودها الفعلي وأين تذهب الأموال فعلا. من المهم تفعيل الأنظمة الكثيرة لدينا والخاصة بغسيل الأموال والتستر وممارسة أعمال لا يسمح بها للأجنبي ، فقد أصبحت بلادنا تعاني الكثير من الهدر المالي بخروجها وعدم تدويرها اقتصاديا . يجب أن لا ننتظر وقوع كارثة اقتصادية من خلال شح العمل والفرص أمام الشباب من الجنسين وأن نخلق لهم فرص العمل الحر بتمويل وتشجيع وإحلال للأجنبي الذي هو يستنزف كل ريال يحصل عليه بخروجه من هذا الوطن ، فهي كالذي يمتص دمك حتى وفاتك دماغيا .