الجماهير عصب النجاح والجمال الحقيقي لأي مباراة، إن كانت مثيرة وحافلة بالأهداف تكون المتعة في أرقى مستوى، وإن كانت خالية من الإثارة فعلى الأقل يغطي الحضور الجماهيري بعض العيوب. وتكتمل الصورة في أعلى درجات النضارة وأعلى درجات النجاح للمشهد ككل متى تفاعل الجمهور بمثالية ودون الإساءة للمنافسين حتى نصل إلى أن يقف الجمهور الخاسر في الملعب ويحيي لاعبيه ويصفق للفريق الفائز، والحال ينطبق على جمهور الفريق الفائز. وفي كلاسيكو الأهلي والهلال الخميس الماضي، أعجبني كثيرا اجتماع رابطتي الأهلي والهلال للتنسيق حول رفع مستوى التنافس وقيادة الجماهير بشكل منظم، طبقا لتركي الهديب رئيس رابطة الهلال في حديثه للقناة الرياضية قبل بداية المباراة وهو يشكر سعود البرقاوي رئيس رابطة الأهلي "على ماتم بينهما خلال الأربعة الأيام الماضية"، برغبة تفعيل الدور المثالي والإيجابي بين الجماهير من خلال روابط الأندية. وبالفعل كان المنظر الجماهيري جميلا في مدرجات ملعب الأمير عبدالله الفيصل خلال الكلاسيكو الصاخب. نأمل أن يكون هذا العمل نواة لما هو أشمل وأعم، بأن يبادر آخرون من مختلف الأندية ويندمجوا، بل هي بارقة أمل لأن تتفاعل الجهات ذات العلاقة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب والأندية بما يقوي العلاقة بين الجماهير من خلال الروابط باجتماعات أو لقاءات، ومن شأن الروابط أن تركز على ترديد الأهازيج الجميلة لفرقهم وعدم المساس بالمنافسين. وسيكون الجمال أكثر نقاء حينما نشاهد الجماهير واقفة تحيي لاعبي الفريقين وتصفق بشكل موحد قبل المغادرة، مثلما يحدث في ملاعب أوروبا، وهو مما يحثنا عليه ديننا وترسخه عاداتنا وتقاليدنا بالترابط وعدم تحميل المنافسة الرياضية أكثر من حدودها، وأن تشع مقاعد المدرجات بما يثبت تكريس مبادىء الرياضة (ابتسم عند الخسارة وتواضع عند الفوز)، والرسالة بالطبع موجهة للجميع كل في مكانه ومنصبه ومقامه. ومن شأن الجماهير في مختلف المواقع من المدرجات أن تتناغم مع هذا التوافق المثالي والرائع وأن تبتعد عن بعض ما يستفز المنافسين، بما في ذلك لافتات بعبارات مسيئة، مع التسليم بنشوء مثل هذه التجاوزات بين فترة وأخرى، فلا يمكن أن يكون الكل في مستوى واحد من الوعي، ولا يجب أن تأخذ مساحة من الضوء، كي لا تكبر. ومن واجب الجهات المعنية أن تكون حاضرة دائما وتتصدى لها بحزم. وفي مقام الكلاسيكو يحلو الحديث عن المتعة والتشويق ومستوى التحدي التنافسي بين الفريقين الكبيرين، الأهلي لعب بحذر مقنن وبرغبة الفوز، بينما قدم الهلال نفسه بهيبة الزعيم دون أجانب عدا الكوري يو بيونغ في منتصف الشوط الثاني، مع الزج بموهبة جديدة (سالم الدوسري) وتناغم أداء لاعبي الوسط بما يثري المتعة. الأهلي يسير بثبات وتدرج كبير في انسجام لاعبيه بسبب الاستقرار الفني والإداري، وسيكون أقوى متى استثمر فترة الشتاء بضم لاعبين أو ثلاثة في مراكز حيوية دفاعيا. أما الهلال فمشكلته الرئيسية أن جماهيره ومسؤوليه لم يتعودوا على الهزيمة في الدوري منذ موسمين احتفلوا فيهما باللقب، وبالتأكيد يعاني من سلبية التنظيم الدفاعي بما يسهل مهمة هجوم المنافسين.