بإمكاننا اليوم أن نقول إن الأهلي بالفعل قد عاد قويا، وطوى صفحات سنين طويلة حزينة كانت مليئة بالحرمان، وإن لم يحقق بعد البطولة الكبرى، وتصدره فرق الدوري السعودي بعد الجولة 17 وبفارق خمس نقاط عن أقرب منافسيه بعد انتصار هام على حامل اللقب (الهلال) يؤكد أن زمن التواجد الضعيف، ومركز الوسط قد ولى، أقول هذا لأنني أدرك أهمية الفوز على الهلال في مباراة مفصلية كهذه، وأدرك أيضا أن أي فريق سعودي يريد إقناع جماهيره أنه قوي ويستحق الرهان عليه والحضور في صلب المنافسة عليه أن يفوز أولا على البطل، الذي سيطر سنوات طويلة على الدوري السعودي وإن دخل الشباب والاتحاد على الخط بين فترة وأخرى، فلم يكن للاتحاديين والشبابيين أن يصلوا لذلك لو لا عملهم على تطوير قدراتهم، والأهلي ربما أخذ وقتا طويلا في إعداد فريق منافس يراهن عليه جماهيره، لكن السنوات الأخيرة شهدت نقلة نوعية بعد الاستفادة من أخطاء عدة على صعيد من يدير دفة الأمور في النادي واختيار الأجهزة الفنية واللاعبين الأجانب والمحترفين السعوديين. من يقرأ هذا ربما يظن أن الأهلي أحرز لقب الدوري، وأن الهلال فشل في المحافظة عليه، ولم يعد قادرا على إنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ كل هذا سابق لأوانه والفرص لا تزال متاحة لفرق المقدمة، لكنني أركز على الأهلي (المتصدر) وتطوره وكيف بلغ هذه المرحلة عبر تخطيط واضح، احتفظ منه بكل إيجابيات الموسم الأخير، وتمكن من تصحيح ما يمكن الاستفادة منه، ويمثل الاستقرار الإداري والفني والتناغم الواضح بين طارق كيال والمدرب جاروليم يدعمه عناصر مثالية تم التعاقد معها الموسم الماضي، وتخدم جميعها (الراقي) اليوم، ما يشير إلى الدقة في اختيار الصفقات محلية وأجنبية؛ بل تحول كل نقد لاذع للاعبي الفريق في وقت مضى خصوصا لاعبي الدفاع إلى إشادات فتحول جفين البيشي من لاعب غير مرغوب فيه على مدى سنوت إلى صخرة الدفاع الأول. حين تنتشر الإيجابية في مؤسسة ما وينجح المسؤول في معالجة أخطاء الماضي، وفي احتواء المنغصات وعوامل قتل الطموح وتحييدها، وسط دعم جماهيري أهلاوي رائع يبدأ مفعول العلاج سريعا، لاعبو الأهلي تحولوا من محبطِين لجماهيرهم إلى مقاتلين داخل أرض الملعب. الأهلي هو النادي الوحيد الذي لم ينتظر فترة التسجيل الشتوية لنجاح تعاقداته المدروسة، بضمان استمار الثنائي المنسجم الحوسني وفيكتور ودعم صناعة اللعب بكماتشو، فضلا عن الكولمبي بلامينو (المصاب)، بينما يسعى الآخرون وأبزهم الهلال ربما لإعادة النظر في تعاقداتهم، الأهلي دخل مباراة الأربعاء بثلاثة أجانب مؤثرين، بينما اعتمد الهلال على عناصره المحلية فقط؛ ما يكشف خطأ إداريا في التعامل مع العنصر الأجنبي، والهلال كذلك عانت إدارته من غياب تركيز اللاعبين بعد ما عمد له أبرز النجوم (هوساوي والفريدي) الذين أعلنا رغبتهما في الانتقال وهو وضع ربما نشاهد فيه الهلال لأول مرة؛ بل الواضح أن أهلي اليوم يسير على خطى هلال الأمس.