سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السيلياك.. عدم اتباع نظام غذائي قد يعرض المرضى لأورام في الجهاز الهضمي أو الليمفاوي! أساس العلاج يكمن في اجتناب المواد المحتوية على مادة الغلوتين والتزامها يحتاج إلى تغيير نمط الحياة
في هذا المقال سأخلع عباءة التخصص الدقيق "أمراض الصدر وطب النوم" وألبس عباءة تخصصي العام "الطب الباطني" لأكتب عن مرض، بالرغم من أنه ليس بالنادر إلا أنه غير معروف بين الأطباء والعامة على حد سواء ما ينتج عنه تأخر تشخيص وعلاج المصابين به لسنوات. هذا المرض هو المرض الجوفي أو البطني أو المرض الزلاقي او الدابوقي أو مرض "السيلياك" (Celiac Disease)، أو ما يعرف تجاوزاً بحساسية القمح، ونقول تجاوزا لأن الحساسية هي لبروتين الغلوتين (الجلوتين) الذي يوجد في القمح والشعير وحبوب الجاودر ويعطي الخبز والعجينة تماسكها وليونتها وليس لكل مادة القمح. ويستخدم الغلوتين في تصنيع كثير من المواد الغذائية ومواد الاستخدام الشخصي مثل المنظفات ومعاجين الأسنان وغيرها. وسأكتب اليوم بقلمين، الأول هو قلم الطبيب المثقِّف (بكسر القاف) والموجه للمرضى، أما القلم الثاني فسأحاول من خلاله نقل معاناة المرضى المصابين بهذا المرض وأطلب من المرضى، أو الذين لديهم طفل في العائلة مصاب بالمرض أن يشاركوا قراء جريدة الرياض خبراتهم وطرائق تكيفهم مع المرض و العلاج. عدم اتباع نظام غذائي قد يعرض المرضى لأورام في الجهاز الهضمي ما مرض السيلياك؟ السيلياك مرض مناعي يصيب الأمعاء الدقيقة نتيجة تحسس الجسم لبروتين الغلوتين حيث إن الإنزيم الذي يهضم هذا البروتين يهاجم الأنسجة المبطنة للأمعاء الدقيقة ما ينتج عنه التهاب مزمن وتواجد مزمن لللخلايا الليمفاوية في نسيج الأمعاء، ما يسبب ضمورا في الهديبات، أو الزغب الموجود في الأمعاء الذي يمتص الطعام، فينتج عن ذلك نقص في امتصاص الكثير من المواد الغذائية المهمة. كما أن تأثير المرض قد يتعدى الأمعاء الدقيقة لأعضاء أخرى في الجسم كما سنناقش أدناه. وهناك عامل وراثي في هذا المرض حيث نسبة الإصابة عند أقارب المريض من الدرجة الأولى (مثل الإخوان والأبناء) تصل إلى 5-20%. ويبدو أن المرض في ازدياد في العالم كله حيث يُقدر الباحثون في الولاياتالمتحدة أن نسبة الإصابة بين الكبار قد تصل إلى 1 في كل 100-150 شخص. وفي المملكة لا توجد إحصائيات دقيقة ولكن الأطباء الممارسون يعتقدون بشيوع المرض. وهذا المرض يصيب الأشخاص من مختلف الفئات العمرية ويمكن أن يشخص في أي عُمر. من اعراضه الإسهال المزمن والذي قد يتحول إلى إمساك ما أعراض المرض؟ قد تتفاوت الأعراض من شخص لآخر. ففي حين تكون أعراض الجهاز الهضمي هي الشائعة عند أكثر المرضى قد يحضر مرضى آخرون للعلاج بسبب أعراض ومظاهر أخرى مثل فقر الدم أو آلام العظام والعضلات بسبب هشاشة العظام. الأعراض: أعراض الجهاز الهضمي: • انتفاخ البطن وكثرة الغازات. • الرغبة الملحة للذهاب لدورة المياه بعد الأكل مباشرة. • الإسهال المزمن الذي قد يتحول إلى إمساك في بعض الأحيان. كما أن الإمساك قد يكون أبرز من الإسهال عند البعض. • الحموضة المزمنة. • نقص الوزن والهزال وضمور العضلات. ايضاً نقص الوزن والهزال وضمور العضلات وكما يتبين من الوصف أعلاه فإن الأعراض أعلاه قد تكون نفس أعراض القولون العصبي المتوتر، لذلك يُشخِّص الكثير من المعالجين هذا المرض على أنه قولون عصبي دون اعتبار لاحتمال أن المريض قد يكون يعاني من مرض السيلياك. ونتيجة لسوء امتصاص المواد الغذائية المهمة للجسم، قد يحدث نقص في بعض المواد المهمة للجسم مثل نقص الحديد الذي يعد عاملا محفزا ومهما لعمل كثيرا من الانزيمات في الجسم، ومنها انتاج الطاقة كما أن نقصه المزمن يسبب فقر الدم. وقد ينقص فيتامين دال والكالسيوم ما يسبب هشاشة العظام وآلام في العظام والعضلات وتيبس المفاصل. وقد يسبب نقص امتصاص فيتامين ب 12 تأثر الأعصاب الطرفية وينتج عن ذلك تنميل في الأطراف. ونقص الفيتامينات المهمة الأخرى مثل فيتامين (K) المهم لمنع النزيف وفيتامين ألف وكذلك المعادن الأخرى المهمة للجسم. وفي حال أصاب المرض الأطفال، فإن التأخر في التشخيص والعلاج قد يؤدي إلى تأخر النمو وقصر القامة وقد يؤثر في التحصيل العلمي للطفل. بروتين الغلوتين (الجلوتين) يوجد في القمح والشعير ويعاني البعض من التهابات في اللثة والأسنان - أو التهابات متكررة في مناطق مختلفة من الجسم. كما أن البعض يصاب بضمور في الطحال مما قد يقلل المناعة. كما أنه عند السيدات قد يسبب عدم انتظام في الدورة الشهرية وقد يسبب العقم عند البعض. هل هناك أمراض أخرى مصاحبة لمرض السيلياك؟ يزداد حدوث بعض الأمراض عند المصابين بمرض السيلياك، مثل مرض السكر من النوع الأول، وأمراض الغدة الدرقية المناعية، كما أن إنزيمات الكبد قد ترتفع عند المصابين. وهناك دلائل تشير إلى أن مرضى السيلياك الذين لا يتبعون النظام الغذائي قد يكونون أكثر عرضة لبعض الأورام في الجهاز الهضمي أو الجهاز الليمفاوي. كما أظهرت تقارير أن الصرع قد يظهر عند بعض المصابين. الجيد في الأمر أن اتباع النظام الغذائي العلاجي يقلل من كل المضاعفات السابقة. كيف يتم التشخيص؟ للأسف يتأخر التشخيص عند أكثر المرضى لعدة سنوات، ويتم تشخيص أكثر المصابين في البداية على أنهم مصابون بالقولون العصبي وبالتالي يوصف العلاج الخطأ. ونتيجة للمضاعفات التي ذكرناها أعلاه، قد يبدأ المريض رحلته العلاجية التشخيصية بزيارة طبيب الأعصاب بسبب التنميل في الأطراف، أو طبيب الروماتيزم بسبب آلام العضلات والمفاصل، أو طبيب العظام بسبب آلام العظام والظهر أو طبيب الدم بسبب فقر الدم. وقد تجُرى كثير من الاختبارات والتحاليل للمريض قبل الوصول للتشخيص الصحيح وقبل معرفة أن الجهاز الهضمي هو سبب هذه الأعراض. لذلك أنصح كل من يعاني من أعراض مزمنة في الجهاز الهضمي كالتي ذكرناها أعلاه أن يراجع طبيب مختص في الجهاز الهضمي لمناقشة الاحتمالات التشخيصية. وعندما يشتبه الطبيب في وجود المرض فإنه يجري تحاليل مبدئية للتأكد من سلامة وظائف أعضاء الجسم وعدم وجود سوء امتصاص. أما التأكد من التشخيص فإنه يتم بإجراء تحاليل دم خاصة يتم خلالها قياس بعض الأجسام المضادة التي تبين وجود الحساسية. وإذا كانت التحاليل موجبة فإن الطبيب يقوم بعمل منظار للجهاز الهضمي العلوي واخذ عينة من الأمعاء الدقيقة التي تأكد التشخيص حيث تبين وجود خلايا ليمفاوية في أنسجة الأمعاء الدقيقة وضمور في الهديبات (الزغب). ما طرائق العلاج؟ يكمن أساس العلاج في اجتناب كل المواد التي تحتوي على مادة الغلوتين، وهذا الأمر قد يبدو سهلا ولكنه على أرض الواقع يحتاج إلى كثير من الانضباط من قبل المريض والدعم والتفهم من العائلة والأصدقاء، لأن الالتزام بحمية خالية من الغلوتين يحتاج إلى تغيير نمط الحياة. لذلك وكخطوة أولى لا بد من زيارة أخصائي تغذية والمتابعة في عيادة التغذية بصورة متكررة حتى يتعرف المريض أو والداه إن كان طفلا على جميع المواد التي يجب تجنبها. فهناك أغذية واضحة تحتوي على الغلوتين مثل الخبز والمكرونة والبسكويتات ولكن لا بد للمريض من معرفة أن مادة الغلوتين أو القمح قد تضاف لكثير من المواد الغذائية مثل الصلصات والكتشب والمايونيز وتوابل السلطات وغيرها. وهناك أمور تحتاج إلى تدقيق أكثر، فمثلا قد يضاف الشعير لبعض أنواع الشاي. لذلك لا بد من قراءة محتوى كل معلب جيدا، كما يجب الحذر عند الأكل خارج المنزل لأن التزام الحمية الخالية من الغلوتين لدى مريض السيلياك يجب أن يكون صارماً. وهناك مواد غذائية خاصة تصنع لمرضى السيلياك خالية من الغلوتين ولكن أسعارها للأسف مرتفعة جدا. مفاهيم خاطئة عن مرض السيلياك • يعتقد بعضهم أن الحساسية من الغلوتين هي مثل الحساسية من البيض أو السمك التي تسبب طفحا جلديا وحكة عند أكلها وأن التناول التدريجي للغذاء المحتوي على الغلوتين قد يخفف من التحسس. وهذا اعتقاد خاطئ لأن الالتهاب المناعي وعواقبه مختلفة في الحالتين. • يعتقد آخرون أن الحمية من الغلوتين هي لفترة محددة يستطيع بعضها المريض تناول ما يشاء، وهذا اعتقاد خاطئ فالحمية يجب أن تكون دائمة. ماذا يجب على الجهات المختصة عمله لمساعدة المرضى؟ هناك أمور مهمة لا بد للجهات المختصة مثل وزارة التجارة ووزارة الصحة والهيئة السعودية للدواء والغذاء من عملها لمساعدة المرضى: • أكثر المواد الغذائية الخاصة بمرضى السيلياك أسعارها مرتفعة جدا فعلى سبيل المثال كيس الخبز العادي الذي يكلف 1-2 ريال قد يكلف 15-20 ريال عندما يكون خاليا من الغلوتين. لذلك نرجو أن تقوم الجهات المختصة بدعم مثل هذه الأغذية حتى تكون في متناول جميع المرضى. • تجُبر الدول المتقدمة مصنعي المواد الغذائية ذكر ما إذا كان الغذاء يحتوي على القمح حتى لا يتناول المريض غذاء قد يكون مضراً. لذلك نرجو أن تفرض الجهات المختصة مثل هذا النظام على الأغذية المصنعة محليا و المستوردة. • يوجد في السوق السعودي حاليا عدد من المنتجات التي تصنف على أنها خالية من الغلوتين ويستخدمها المستهلك على هذا الأساس. ولكن، هل تم فحص هذه المنتجات في مختبرات تابعة لجهات رسمية للتأكد من خلوها من الغلوتين. لذلك أصبح من الضروري وجود مختبرات متخصصة لفحص الأطعمة والتأكد من التزام المصنعين والموردين بخلوها من الغلوتين. هل توجد مواقع تثقيفية وداعمة للمرضى؟ تم إنشاء مجموعة سعودية تطوعية بإشراف مختصين لدعم مرضى حساسية القمح، تعُرف "بالمجموعة السعودية الداعمة لمرضى حساسية القمح" حيث تزود لمجموعة المرضى بمعلومات عن هذا المرض وتتيح لهم التواصل مع المختصين. كما تقدم وصفات لوجبات مناسبة لمرضى السيلياك. ويوجد كذلك منتدى خاص بالمجموعة يتيح للمشتركين التواصل مع بعضهم. وموقع المجموعة. http://www.saudi-celiac.com/main