لم نعرف في الماضي ما يُسمى بانتهاء صلاحية المواد الغذائيّة أو الدواء أو بقية المُستهلكات. نأكل ونستهلك كل شيء تصل إليه أيدينا أو يصل لأفواهنا؛ لدرجة أذكر بأننا لا نُبالي بانتفاخ علبة الصلصة أو الفول أو غيرها من المُعلبات وهي دلالة على فساد ما بداخلها نأكلها بلا أدنى وجل. البسكويت وما في حُكمه إذا انتهت صلاحيته للاستهلاك الآدمي تكون له رائحة نفّاذه (مِحْزرْ) ومع هذا نلتهمه كأفخر أنواع الكعك. اليوم قبل أن نشتري السلعة الغذائية أو الدواء نحرص على قراءة وقت الإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية. جيّد هذا الوعي؛ بل ومطلوب بشدّة. لأن المواد الحافظة التي تضاف للأغذية على وجه الخصوص إذا انتهت صلاحية المادة المحفوظة بها تصبح سموماً مُضرّة بالصحة. حكى لي صديق رحل عن دنيانا بأن ابنته الصغيرة اشترت كتكوتاً ذات يوم لتربيته، وحين كبر الكتكوت وأصبح ديكاً لهُ شأن في المنزل كبرت شقاوته. يوقظهم والجيران بصياحه في كل وقت. يطرد القطط والفئران بشراسة وكأنه كلب حراسه. أصبح حضور الديك طاغياً في حياتهم يشاطرهم كل شيء. في يوم لم يُسمع للديك حس. سألوا عنه عاملة المنزل الآسيوية فقالت لهم إنه (Expired) أي انتهى؛ وقد وضعته في برميل القمامة. يقول صاحبي ركضت إليه وهو في نزعات الموت الأخيرة وأرحته بالذبح. الشاهد هُنا أنه حتى ذوات الأرواح لها تاريخ صلاحية. قُلتُ والحديث متواصلاً عن انتهاء الصلاحية ان البعض يسير مع الجموع دون هدف مُحدد في حياته. صحيح أن الطرق كلها في النهاية تؤدي إلى القبر ولكن أليس خلود انجاز واحد كفيل بتخفيف فجيعة الرحيل؟ لا تنتهي صلاحية البشر مادامت عقولهم تعمل. ** محطّة القافلة: يُربي البعض أطفاله الذكور بكل سذاجة على مفهوم (كُن رجلاً)، ولا يُدرك بأنه يغرس في وجداناتهم أول شتلات التعنصر ضد المرأة. ليتنا نقول: كُن حكيماً، كُن رحيماً، كُن رابط الجأش وقت الأزمات، وهكذا من مفاهيم وقِيم تصنع إنساناً سويّاً.