يتقاسم مئات الشبان الاكراد من انصار حزب العمال الكردستاني الذين تجمعوا من بلدان شتى حياة الجبال القاسية في معسكر للتنظيم في اقصى شمال العراق املا بتحقيق حلمهم في اقامة دولة كردية. وتقع بلدة لجوه (500 كلم شمال بغداد) في قمة جبل قنديل (10 كلم عن جبال ايران) ويرتفع فيها علم حزب العمال الكردستاني بلونيه الاحمر والازرق تتوسطه نجمة حمراء في حين تزين واجهة مخيم الحزب صورة مؤسسه عبدالله اوغلان الذي يواجه حكما بالسجن المؤبد الى جانب صور اخرى لمقاتلين قضوا في معارك. وترتدي الفتيات والشبان الزي الكردي الشعبي وعلى ظهورهم بنادق الكلاشينكوف ويتحدثون العربية والتركية والايرانية ولغات اخرى من دول هاجروا اليها كالفرنسية والانكليزية والالمانية فضلا عن لغتهم الام التي تشكل احدى ركائز هويتهم الكردية. وتقول مساعدة رئيس الحزب مراد قريالان، واسمها الحركي زاخو زاكروس، «نحن نمثل الشعب الكردستاني في اجزائه الاربعة في العراق وتركيا وايران وسوريا». ورغم تعرج المناطق الجبلية، الا ان الزائر يلمس تقنيات الاتصال الحديثة كالاطباق اللاقطة للفضائيات وهواتف الاقمار الاصطناعية واجهزة الكمبيوتر التي تستمد الطاقة من مولدات كهربائية. وحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا كان غير اسمه مرتين بعد اعتقال اوغلان ليتحول اولا الى «المؤتمر الديمقراطي للسلام» ثم الى «مؤتمر الشعب». وتضيف قريالان «نعتقد باننا دخلنا مرحلة جديدة في نضالنا بعد تجاوز مرحلة الحزب الضيق نحو مؤتمر الشعب». وخلافا لما هو مألوف في شمال العراق حيث يطلق اسم «البشمركة» على المليشيات المسلحة التابعة لاحزاب، فان مقاتلي حزب اوغلان يعرفون باسم «غوريلا». وابرز ما يميز انصار الحزب زيهم الموحد المتمثل بسروال عريض فضفاض يعلوه قميص بالوان مختلفة يشده بالسروال حبل من القماش. ويتناوب انصار الحزب على القيام بدوريات استطلاعية في الجبال المحيطة حاملين اسلحة خفيفة بواقع شابين وفتاتين في كل دورية. ورغم اختلاط الجنسين يوميا في اوقات العمل والراحة الا ان الحزب يحظر الزواج بين عناصره خشية انجرافهم في الحياة العائلية بعيدا عن اهدافهم القومية وواجباتهم الحزبية. وقالت سر هلدان (27 عاما) التي نزحت من منطقة ماردين جنوب تركيا «ارفض الزواج حتى يتحرر شعبي ومادام اوغلان في السجن فلن اقدم على تكوين عائلة». واوضحت خلال جلوسها على سفح جبل قنديل مع رفيقات لها «التحقت بالمقاتلين مذ كنت في الخامسة عشرة (...) وقد اتخذت قراري بعدما رأيت بام عيني رجال امن اتراك يسحلون حتى الموت صديقة لي ربطت الى احدى السيارات». وتابعت هلدان «بعد الحادث قررت ان اترك عائلتي والمدينة والتحق بالمقاتلين». وهلدان التركية اللسان لم تلتق عائلتها منذ فترة طويلة خشية ان تكشف السلطات التركية امرها وتعتقلها. وبدورها، قالت زميلتها نارين (22 عاما) التي جاءت من سوريا ان «الرجل الكردي مضطهد مرة واحدة لانه مسلوب الحرية اما المرأة الكردية فمضطهدة مرتين كونها مسلوبة الحرية والحقوق معا». وتابعت «علينا ان نقاتل وان نضمن الحرية وحقوق المرأة الكردية للعيش كباقي نساء العالم». اما جنكيز (23 عاما) الذي وصل من فرنسا حيث بقي افراد عائلته فقال «كنت في الثانية عشرة عندما هاجرت عائلتي من تركيا الى فرنسا حيث بقيت مدة ثمانية اعوام حتى طلب الحزب مني التوجه الى شمال العراق للالتحاق باخوتي المقاتلين». واضاف جنكيز الذي يتحدث الفرنسية ان مهمته الحالية تكمن في تنظيم الشباب في المدن الكردية للعمل في الحزب. وتابع وهو يتأمل الجبال «اكره العيش في اوروبا واريد البقاء هنا في هذه الجبال» مشيرا الى حلم قديم يتقاسمه مع ابناء جلدته في اقامة دولة الجبال الكردية. وتحاول تركيا منذ مدة اقناع المسؤولين في العراق بطرد اتباع اوغلان. ودعا حزب العمال الكردستاني في مؤتمر في شمال العراق الاربعاء الى وقف النار مع تركيا والدخول في مفاوضات معها. وقد جاء اعلان وقف النار بعد عام على اعلان العمال الكردستاني استئناف العمليات العسكرية ضد الحكومة التركية في الاول من (حزيران) يونيو 2004. ويتقاسم الاكراد المناطق الجبلية الممتدة بين تركيا وايران والعراق وسوريا. ولا توجد ارقام محددة حول السكان الاكراد بحيث تتراوح اعدادهم بين 13 و19 مليون في تركيا في حين يشكلون بين 6 و 8 ملايين في ايران وحوالى اربعة ملايين في العراق و1,5 مليون في سوريا.