أقيم يوم أمس الثلاثاء وضمن فعاليات الملتقى الثاني للمثقفين السعوديين خمس جلسات تنوعت مابين الجوائز الثقافية ودور المرأة الثقافي والتخطيط الثقافي والخبرات الثقافية العربية والدولية وختمت بالمهرجانات الثقافية والأسواق القديمة . وفي ندوة (الجوائز الثقافية) أكد معالي الدكتور فهد السماري أمين عام دارة الملك عبدالعزيز أن المتتبع للثقافة العربية يجد أن لديها الريادة في تفعيل الجوائز الثقافية مشيرا إلى أن هذا الجانب جانب مهم لأن المجتمعات والأمم عندما تقلب في صفحاتها تجد أنها تعتبر الجائزة من الركائز ،وأشار الدكتور السماري في كلمته إلى أن موضوع الجوائز يحتاج للطرح والنقاش لتعزيز التوجه إضافة لمعالجة البيئة المحيطة في الجوائز والحوافز والدعم لها. أما الدكتور عبدالله العثيمين فقد انتقد في مشاركته جائزة الدولة التقديرية للأدب مشيرا إلى انه كان يؤمل الاستفادة من تجارب الآخرين مثل التجربة في مصر كما في أقطار عربية غيرها حيث تمنح الجائزة التقديرية للدولة للمتميزين عطاء فكريا ومعرفيا في جميع فروع المعرفة لا في الأدب وحده وفي هذا عدل، مشيرا إلى أن الجائزة يجب أن تراعي الانجاز المتحقق سواء قام به رجل أو امرأة على أن المتأمل في مسيرة تاريخ الجوائز وبخاصة ذات المكانة العالمية يجد أن عدد الفائزات بتلك الجوائز قليل مقارنة بعدد الفائزين بها . من جهته طالب حسين محمد بافقيه أن تكون جائزة الدولة التقديرية في الأدب تحت لواء المجلس الأعلى للثقافة وان يراعى في الجائزة إشراك نون النسوة وذلك في مشاركته بعنوان " الجائز التقديرية "وقال من المستحسن أن تتنوع جائزة الدولة التقديرية لتشمل حقولا منها : جائزة الدولة التقديرية للآداب ، وجائزة الدولة التقديرية للعلوم ، وجائزة الدولة التقديرية للفنون ، وجائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية.. ومن جانب آخر ناشد سعيد عبدالله الشيخ بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المستدامة في المملكة في تحقيق الأوليات منها تنويع القاعدة الاقتصادية ،مشيرا إلى انه من الأنسب في المملكة أن يسعى القطاع العام والقطاع الخاص إلى وضع إطار استراتيجي للمسؤولية الاجتماعية ولتعزيز إسهام الثقافة في تحقيق التنمية المستدامة. فيما تحدثت الدكتورة لمياء باعشن عن التهميش الذي تعاني منه المرأة المثقفة في وزارة الثقافة والإعلام ،من خلال إحلالها بالأدوار الوظيفية المناسبة أو في العمل بوكالات الوزارة أو المشاركات المحلية والخارجية ، وتقليص أدوارها في الأندية الأدبية ، واستبعادها عن مجالات تكون فيها فاعلة بشكل قيادي ،فيما تساءلت الدكتورة عزيزة المانع في ورقتها عمن يحدد الدور الثقافي الذي يقوم به المثقف رجلا كان أو امرأة ، وهل المثقف يختار دوره أم هو مفروض عليه ، ثم تطرقت إلى أن الدور الثقافي الذي تقوم به المرأة والذي يتحدد غالبا من خلال المجتمع الذي تعيش فيه المرأة ، وحسب المساحة المحدد لتحركها ، وفي محور آخر تناولت ما هو التصور المرسوم في أذهاننا للمرأة المثقفة ، وهل هو الدور الذي تؤمن به المرأة نفسها أم الدور الذي يفرض عليها؟. أما الدكتورة ثريا العريّض فقدمت ورقتها بقصيدة لها بعنوان: (كلهن أنا ) المؤرخة في الثمانينات الميلادية معبرة عن مشاعر الحلم النسوي.. متوقفة على منهجين في حديثها عن دور المرأة: الأول تأسيسي، و المنهج الآخر تطبيقي ،كما تناولت دور المرأة في أطر مرتبة زمنيا من بداية كونها جسدا وللأمومة فقط، ثم من خلال ازدهار الإسلام بكونها المبدعة والمعبرة، و بعدها دورها كداعمة للرجل، ثم المتعلمة والمتخصصة في الستينات والسبعينات وصولا لمنهج الاعتدال المتمثل في دور المرأة المواطنة في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز . كما استعرضت وزيرة الثقافة والإعلام البحرينية الشيخة مي آل خليفة تجربة بلادها في الاستثمار في الثقافة خلال ورقة عمل قدمتها في ثاني أيام ملتقى المثقفين السعوديين في الجلسة الثالثة والتي كانت بعنوان الخبرات الثقافية العربية .. حيث قالت: مشروع الاستثمار في الثقافة جاء من حاجة أساسية لبناء بنية أساسية للثقافة، فهناك في البحرين حضارة عمرها 5 آلاف عام"، منوهة إلى أن تجربة مشروع الاستثمار في الثقافة الذي أطلقته بمبادرة منها في العام 2006 يهدف لإيجاد شراكة ما بين القطاع الخاص والقطاع العام وذلك من خلال دعم القطاع الخاص للمشاريع الثقافية والتنموية التي يتبناها قطاع الثقافة والتراث الوطني. وأكدت الشيخة آل خليفة أن ثمار المشروع كانت متعددة، والتي ذكرت منها: إنشاء متحف "موقع قلعة البحرين" ومشروع إضاءة القلعة وهو الموقع المسجل على قائمة التراث الإنساني للجنة التراث العالمي التابعة لليونيسكو، وإضاءة متحف البحرين الوطني وغيرها من المشروعات الثقافية التي تم تنفيذها بتمويل من القطاع الخاص.. مشيرة إلى مشروع طريق اللؤلؤ الذي كان تنفيذه ضمن إطار مشروع الاستثمار في الثقافة وقد تقدمت به المملكة لتسجيله على قائمة التراث الإنساني في العام 2011 كطريق للؤلؤ يمكن لأي زائر أن يسلكه ويكتشف عناصر مختلفة من الحكاية التي تروي كل جزئية منها شيئاً عن اللؤلؤ، منوهة إلى أن الوصول لمركز المعلومات يكون عن طريق البحر.وقالت في نهاية حديثها لا توجد بلدان متخلفة إنما بلدان تخلف شعوبها عن خدمتها". من جانبها قالت مديرة معهد العالم العربي في باريس، منى عابد خزندار خلال تقديمها لورقة عمل بعنوان "أي سياسة ثقافية للملكة العربية السعودية"،:" أسمح لنفسي اليوم أن أتقدم ببعض الأفكار والاقتراحات تتمحور حول ثلاثة ميادين تبدو لي بمثابة مقدمات أساسية لا مفر منها لكل سياسة ثقافية وهي التنظيم الرسمي للثقافة والبنيات التحتية الثقافية، النهوض الفني ودعم الإبداع". مشيرة إلى أن المملكة العربية السعودية خطت خطوة كبيرة في اتجاه التنظيم الرسمي عندما أقدمت العام 2003 وللمرة الأولى في تاريخها على إضافة الثقافة على وزارة الإعلام.. وعلى أن المملكة تحتاج إلى المزيد من المتاحف الكبرى، مقترحة توفير متحف وطني للفنون الجميلة ومتحف وطني للفنون التقليدية، بيت وطني للفنون الشفهية يكرس للحكايات والشعر والموسيقى، ومكتبة وطنية متعددة الرسائل الإعلامية، مدينة العلوم والصناعة، وقصر مؤتمرات يتضمن قاعات لعقد الندوات ولتقديم العروض.. اما الدكتور طارق متري فاستعرض تجربته في إدارة الشأن الثقافي اللبناني عبر وزارة الثقافة والإعلام سابقاً متحدثاً عن صناعة الثقافة في لبنان وكيف ازدهرت بفعل التعدد والحريات والاتجاه نحو الأفكار الخلاقة مشيراً إلى حماية الثقافة الوطنية وحماية التنوع الثقافي وحماية حقوق المثقف.. حيث بيَّن ان هذه الحمايات تشكل أطراً رئيسية يراعيها النظام العام اللبناني.. وألمح الوزير اللبناني السابق إلى ما يتعلق بتلك الحمايات الثلاث من حيث الهوية الوطنية والهوية العربية وفيما يتعلق بها من حيث العوالم العامة والعوالم الخاصة.. متطرقاً إلى إخضاع الثقافة إلى معايير السوق ومحدداته ومتطلباته مؤكداً على ان هذا جانب عميق في البحث عن متعلقاته واتجاهاته.. مختتما حديثه بالتأكيد على ان الثقافة كلما دعمت انتشرت فعلى عكس قيم السوق إذا زاد العرض الثقافي زاد الانتشار الثقافي والجمال..