نعيش في هذا الوطن العزيز منذ بدايات تأسيسه مرحلة من الثبات والاستقرارفي كافة شئون الحياة، ولعلّ الجانب الاقتصادي يُعد أحد أبرز جوانبها، وقد تحقق ذلك عبر الإدارة الرشيدة للثروة التي وفرت ولله الحمد بيئة اقتصادية ناضجة استطاعت التغلب والتعامل مع الأحداث الاقتصادية المحلية والعالمية التي عصفت بكثير من الأوطان، إلاّ أنها لم تقترب من الوطن أوتؤثر كثيراً في توجهاته الاقتصادية، الأمر الذي جعل وطننا يعيش قفزات اقتصادية ونمواً اجتماعياً فاق توقعات الكثيرين، وهذا يحرض على المزيد من التفكير حول آليات ووسائل الاستفادة من هذا الخير العميم الذي يعيشه الوطن. ومع قرب إعلان الميزانية العامة للدولة برزت الكثير من الطروحات والتحليلات الاقتصادية التي تشير إلى فائض مالي كبير ربما يقترب من حجم الميزانية بأكملها، وهو أمر يجعلنا نتفاءل في إدارة رشيدة لهذا الفائض تتعامل مع معطيات الواقع والظروف والأولويات واحتياجات الوطن. ولعلّ من أبرز ما يمكن أن يتم تحويل هذا الخير إليه (فائض الميزانية) يتمثل في دعم قوي لصندوق التنمية العقاري، ذلك أنّ مثل هذا الدعم الذي – قد يقضي على قوائم الانتظار للحصول على القرض – سيساهم بشكل فاعل في تحقيق ميزتين إضافيتين للوطن: إحداهما تتمثل في مساعدة أبناء الوطن العزيز في الحصول على مساكن لهم، وثانيها يتمثل في إيجاد حراك اقتصادي في مواد البناء والقطاع العقاري بأكمله، وأعتقد أنّ مثل هذا الدعم القوي الذي يجعل المواطن يحصل على القرض في مدة زمنية لا تتجاوز الستة أشهر، سيكون عاملاً قوياً في استقرار الأسرة وتوفير احتياجات المواطن الأساسية، ومع مثل هذا الخير العميم المتمثل في فائض الميزانية الضخم قد يكون من المناسب العمل على إضفاء الدين العام ولو بنسبة محددة، وكذلك العمل على تشييد أوقاف للقطاعات الحكومية، فالعائد الاقتصادي من النفط الذي يشكل النصيب الأكبر من ميزانية الوطن قد يختلف سنة بعد أخرى إما في السالب أو الموجب، مما يحتم على وطن كالمملكة عَمِلَ خلال الفترة الماضية على تشييد وإنشاء عدد ضخم من المشاريع الحكومية كالجامعات والمستشفيات والمطارات وغيرها؛ بحاجة ماسة إلى ضمان ما يمكن من خلاله استمرار خدمات تلك القطاعات، وهو أمر لو تم الالتفات له «في نظري» سيحقق كثيراً من المزايا، فهو في جانب سيعمل على توفير جزء من ميزانيات تلك القطاعات الحكومية بشكل ثابت ومستمر، كما أنّه في الوقت نفسه سيعمل على خدمة المجتمع المحلي من خلال توجيه تلك الاستثمارات الوقفية إلى مجالات يحتاجها الوطن العزيز.. فهل تفكر قطاعاتنا الحكومية المعنية بالتعاطي مع فوائض الميزانية في مثل هذه القضايا.. هذا ما أتمناه.. والرأي لكم.