توقعت مصادر اقتصادية متخصصة محلية ودولية فائضا في الميزانية لهذا العام يزيد على 400 مليار ريال، وهو رقم قياسي لم يسجل من قبل يشير بكثير من التفاؤل إلى عام مليء بالخير على الرغم من الأزمة المالية التي يعيشها العالم، ويوضح أيضاً حسن التدبير المالي للدولة كما يجعلنا نمنح وزارة المالية والقطاعات المالية الوطنية الأخرى تقديرا خاصا فقد كنا عبر وسائل الإعلام وفي المجالس الخاصة ننتقد بحدة متناهية ضعف حجم صناديقنا السيادية وربما استثماراتنا الخارجية التي كشفت الأزمة المالية العالمية الحالية حسن التصرف فيها من قبل تلك القطاعات المالية الوطنية. والمهم مع هذا التوقع المتفائل في نظري سواء صدق أو قل أو كثر قليلا يتمثل في كيفية الاستفادة من هذا الرقم المالي الضخم في مثل هذه الظروف المالية أيضا وهو ما يؤكد حاجتنا الفعلية للتكثيف التنموي الداخلي من خلال تنفيذ المشاريع الوطنية الرائدة وخاصة ما يرتبط منها بالبنى التحتية للوطن فمن غير المقبول مطلقا أن يظل الطلاب والطالبات بمبان مستأجرة بينما تتلاعب الرياح والأتربة بمواقع المرافق التعليمية بكل أرجاء الوطن، كما أن من غير المنطقي أن تتحول مدن المملكة إلى برك مائية ومواقع للأوبئة والبعوض عند هطول الأمطار فلا تشمل خدمات الصرف الصحي وتصريف السيول كل أرجاء الوطن أو على الأقل جميع مدنه الرئيسية، ومن غير المناسب أيضا في وطن يعتبر أحد أغنى بلاد الأرض ثروة طبيعية تتمثل في الذهب الأسود أن يحصل المريض على موعد للعلاج في المستشفيات التخصصية بعد عدة أشهر!! (بمعنى أنه قد ينتقل إلى رحمة الله تعالى قبل تمكنه من زيارة الطبيب وأخذ العلاج المناسب)، كما أنه من غير المبرر أن يشتري بعض المصابين بأمراض مزمنة كالسكري والضغط أو الكلسترول علاجهم من رواتبهم الضعيفة أو يتلقون العلاج في مستشفيات القطاع الخاص على حسابهم الشخصي!! ومن غير المناسب مع هذه الانخفاضات في أسعار مواد البناء وربما أسعار الأراضي أن يظل صندوق التنمية العقاري يسير بهذا البطء الذي يجعل المتقدم له ينتظر سنوات وسنوات من أجل تمكنه من الحصول على قرض ربما لا يفي تسديد قيمة الأرض التي اشتراها، كما أن من غير المقبول أن تمنح الأمانات والبلديات المواطنين أراضي سكنية لا يستطيعون حتى محاولة الوصول إليها فضلاً عن محاولة بنائها حيث لا طرق توصل لها ناهيك عن الخدمات التي لا تعد أكثر من أحلام سراب!! أعتقد جازما أن الظروف الحالية من خلال توقع بارتفاع في فائض الميزانية مع توقعات بانخفاضات كبيرة في تكاليف التشييد والبناء وكثير من متطلبات التنمية تؤكد حاجتنا إلى سرعة في تنفيذ مشاريعنا التنموية بعيدا عن أي بيروقراطية مميتة تعيدنا سنين إلى الوراء فنخسر "كبوة العالم المالية" التي يمكن أن نقلبها نحن إلى "طفرة تنموية" راشدة في الإنشاء والبناء لخير إنسان هذا الوطن العزيز فهل نشهد ذلك؟ إنها أمنية صادقة لشراء الوقت.. فهل نشتريه؟!