سئمنا من الحديث عن سلبيات القنوات الفضائية الشعبية التي لم ننكر شيئاً من إيجابيات بعضها!! ورغم أن هدفنا من مناقشة السلبيات دائماً هو دفع هذه القنوات لمعالجتها ولكن لا حياة لمن تنادي فلا زالت تتراجع حتى انطبق عليها قول الشاعر العربي: هزلت حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلسِ وما كنت لأعود لمناقشة هذا الموضوع لولا ما طرحه الزميل سلطان الأحمري في تحقيقه المنشور في العدد 15889 من جريدتنا الغراء يوم الأحد الماضي، حيث أشار التحقيق إلى أن سياسة الاستثمار الفضائي من خلال بوابة الموروث الشعبي لم يكن منصفاً فالهرولة خلف المادة هي سيدة الموقف في كل الأحوال. ولكن التحقيق أظهر مأساة جديدة/ قديمة ما زالت هذه القنوات تعتمد عليها ما وهي شريط الشات الذي يبث رسائل المشاهدين المدفوعة وكنا نظن أن المسؤولين عن القناة يسيطرون عليه بطريقة إيجابية بعد ما طرحته وسائل الإعلام المختلفة حول سيطرتهم السلبية سابقاً، فلا زال المشاهدون يرى الرسائل التي تدعو إلى المفاخرة القبلية بل، والتقليل من شأن القبائل الأخرى، والرسائل سخيفة أخرى لا يليق بثها ، بل إن أحد المشاركين في التحقيق(خالد بن حمود) ذكر أنه يوجد في إحدى القنوات الشعبية شريط مخصص لصاحب القناة يحلل فيه الأخبار والأحداث اليومية والأوضاع السياسية بصياغة عامية!![طبعاً حسب قدراته المحدودة جداً لأنها قناته وهو حر، فممكن يكون فيها محلل أو مذيع أو معد أو مخرج]، كما أنه يصدر من خلاله قراراته وتوجيهات وفتاوى وتهاني وتعازي ووصف المشارك هذا الشريط ب(سوالف ليل) وهي رمزية ذكية حيث إن سوالف الليل طويلة لا تنتهي غرضها التسلية ولا فائدة أخرى يمكن أن تعوّل عليها!! لم تنته هذه (الشاتات) المتعددة والمتنوعة التي تحجب المادة المعروضة على شاشة القناة في أكثر الأحيان!! فقد أشار المشاركون إلى شات آخر لطلبات الراغبين في الزواج من الجنسين، ولكل قناة (شاتاتها) الخاصة التي تتوافق مع اتجاهات مالكيها وهواياتهم ورغباتهم الجامحة لحصد الأموال! وإني إذ أشكر الزميل الأحمري والمشاركين معه في التحقيق فإنني أؤكد أن القنوات الشعبية طالما أنها تدار بعقليات رأسمالية فلن تقدم دورها المأمول في خدمة الموروث الشعبي، وطالما أنها تدار بعقليات غير احترافية فلن تقدم مادة ترتقي إلى وعي المشاهد وذوقه لا من الناحية الفنية ولا من ناحية المضمون!! بل لا أجد حرجاً في القول بأنها ساهمت بطريقة أو بأخرى في عكس صورة مقلوبة عن المواطن السعودي، كما كرّست للصورة النمطية عن الشعب السعودي والتي تعمل وسائل الإعلام الوطنية على تغييرها إلى الصورة الحقيقية في زمن العولمة الفكرية، ولا يعني هذا أننا ضد الثقافة الشعبية التي نحن من دعاة الاهتمام بها قبل ظهور قنوات (شعبولا) أجمعين؛ ولكن ما هكذا تورد الإبل!!