شنت القوات السورية هجوما عسكريا كبيرا امس لاستعادة السيطرة على حي بابا عمرو في حمص، احد معاقل المعارضة للنظام السوري، ما اسفر عن سقوط 20 قتيلا على الاقل قبل وصول المراقبين العرب. وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان 15 قتيلا على الاقل وعشرات الجرحى سقطوا امس في "قصف عنيف" في مدينة حمص (وسط سوريا)، داعيا المراقبين العرب الى التوجه فورا الى المنطقة. وقال المرصد ان "حي بابا عمرو يتعرض لقصف عنيف من رشاشات ثقيلة وقذائف الهاون منذ صباح الاثنين وسقط ما لا يقل عن 14 شهيدا وعشرات الجرحى"، مؤكدا انه "وثق اسماء ستة منهم". كما اكد المرصد ان "مدنيا قتل في حي باب السباع" في حمص ايضا. ونقل المرصد عن ناشط من الحي قوله ان "الوضع مخيف جدا" في بابا عمرو الحي الواقع في حمص (حوالى 160 كلم شمال دمشق) ثالث مدن سوريا والتي تشكل حاليا معقل الحركة الاحتجاجية ضد نظام بشار الاسد التي بدأت منتصف آذار/مارس. من جهة اخرى، دعا المرصد الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي الى "التدخل الفوري لمنع اقتحام مشفى الحكمة (القريب من حي بابا عمرو) واعتقال الجرحى من داخله". وقال انه يخشى ان يلقى هؤلاء الجرحى "مصير العشرات من الذين قتلوا في 20 كانون الاول/ديسمبر في كفر عويد عندما وجهنا مناشدة بالتدخل ولم يتدخل وحصلت المجزرة". وينتظر وصول اول وفد يضم حوالي خمسين خبيرا مدنيا وعسكريا عربا مساء الاثنين الى سوريا في اطار بروتوكول يهدف الى الخروج من الازمة في سوريا تدعمه الجامعة العربية من اجل وقف العنف الذي اسفر عن سقوط آلاف القتلى منذ منتصف آذار/مارس. وقد اكد الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي ان المراقبين "لهم "حرية الحركة بالتنسيق مع الجانب السوري وبموجب البروتوكول". ودعا المرصد مجددا من جهته المراقبين العرب الى "التوجه الفوري الى حي بابا عمرو ليتوقف القتل المستمر بحق ابناء الشعب السوري وخصوصا في هذا الحي المنكوب ولكي يكونوا شهودا على جرائم النظام السوري بحق الانسانية". من جهة اخرى، قال المرصد ان السلطات السورية "تغير في بعض مناطق جبل الزاوية اسماء شاخصات القرى ليضللوا لجان المراقبين العرب"، داعيا لجان المراقبين الى "الاتصال بنشطاء حقوق الانسان والثوار". وكان المرصد السوري لحقوق الانسان دعا السبت فريق مراقبي الجامعة العربية الى التوجه "فورا" الى حمص بعد العثور على جثث اربعة مدنيين "تحمل آثار تعذيب". كما دعا المجلس الوطني السوري اكبر حركات المعارضة، الاحد بعثة مراقبي الجامعة العربية للتوجه الى حمص حيث تتمرد بعض الاحياء. وقال المجلس في بيان الاحد ان "حي بابا عمرو شهد منذ الصباح حصارا شديدا وتهديدا خطيرا باقتحام احياء من المدينة بقوة عسكرية تقدر باربعة آلاف شخص". كما اشار الى "قصف شديد طال حمص طوال الأيام التي مضت". وتشهد هذه الاحياء في حمص باستمرار تظاهرات معادية للنظام ومواجهات عنيفة بين الجيش و"منشقين" عنه، حسب المرصد. وتقدر الاممالمتحدة عدد القتلى في سوريا منذ بدء الاحتجاجات منتصف اذار/مارس بنحو خمسة آلاف شخص. ويقول المحتجون ان القتلى يسقطون برصاص قوات الامن والجيش بينما تتحدث السلطات السورية عن "مجموعات مسلحة" لا عن متظاهرين سلميين كما تؤكد الدول الغربية ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان. على ذات الصعيد عقد الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي أمس اجتماعا مع وفد من بعثة مراقبي الجامعة العربية إلى سوريا يضم 50 مراقبا من الدول العربية وكافة المنظمات المعنية لرصد الأوضاع هناك والوقوف على الوضع الميداني والتحقق من مدى التزام الحكومة السورية بتنفيذ بنود خطة الحل العربية للازمة الراهنة ، والمقرر انتشارهم اعتبارا من اليوم الثلاثاء في 5 محافظات سورية . وقال العربي في تصريحات للصحافيين أمس ان هذا الوفد سيلحق برئيس البعثة الفريق أول محمد احمد مصطفى الدابي ووفد المقدمة الذي وصل بالفعل إلى العاصمة السورية منذ عدة أيام . وأشار إلى أن الدابي لديه خبرة كبيرة في مثل هذه العمليات وتم البدء في الإعداد لمهام البعثة في سوريا وأماكن تحركهم والخرائط الخاصة بها وتقسيمهم إلى فرق عمل للذهاب إلى مناطق الاحتجاجات ، لافتا إلى أن هذه الفرق ستبدأ في مباشرة عملها اليوم الثلاثاء ، وأن الأمانة العامة استأجرت سيارات لنقل الفرق نظرا لتأخر وصول السيارات المخصصة لنقلهم . من جانبه قال نائب الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي ان الأمين العام وضع فريق المراقبين في الصورة وتم مناقشة كافة الإجراءات اللوجيستية والإجراءات الخاصة بمهمتهم وأماكن تنقلهم وإيوائهم ، وسوف يتواصل الحوار والاتصالات بين الجامعة العربية ورئيس البعثة مصطفى الدابي في دمشق الذي سيحدد أماكن تنقلهم . وقال الدكتور إبراهيم السليمان عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية إنه تم ترشيحه للمشاركة في البعثة عن طريق مكتب حقوق الإنسان بالجامعة العربية ، وقال ل " الرياض " أمس إن البعثة تضم متخصصين من كافة المجالات ، وأهمها ناشطون من منظمات حقوق الإنسان ، واتحاد الأطباء العرب ، وعسكريون ، ودبلوماسيون وقانونيون. وقال إنه سيتم توزيع المراقبين على خمس مناطق ساخنة ، دمشق وريفها ، وحمص وريفها ، وادلب ، ودرعا وحلب ، مشيرا إلى أن توزيع المراقبين سوف يتم في دمشق عن طريق رئيس الفريق محمد الدابي. ومن جهته أشار طالع السعود الأطلسي عضو البعثة "خبير إعلامي مغربي" إلى انه تم خلال الاجتماع مناقشة التفاصيل الفنية الخاصة بعمل البعثة ومدى التنسيق بين الجامعة العربية والسلطات السورية لافتا إلى أن البعثة ستمارس عملها على الأرض بدءا من اليوم وسيقوم فريق البعثة بمراقبة مدى تنفيذ سوريا للبروتوكول الذي وقعته مع الجامعة . وأعرب عن أمله في نجاح البعثة في مهامها ، مضيفا: أن هذه أول مرة تمارس خلالها الجامعة العربية هذه المهمة مما يعطي أبعادا جديدة لعملها ويؤكد أن رياح الربيع العربي قد انعكست على عملها لتهتم بالشعوب أيضا وان تراعي مبادئ حقوق الإنسان في عملها . من جانبه قال أنور مالك عضو البعثة " جزائري " "من المنظمة العربية لحقوق الإنسان ان الوفد ستكون لديه الحرية المطلقة في تحركاته في المدن السورية وسيتم التنسيق في هذا الصدد مع رئيس البعثة الفريق أول مصطفى الدابي لافتا إلى أن الفريق يضم حقوقيين ومدنيين وعسكريين وسياسيين وسيبقى وفد البعثة في سوريا لمدة شهر كامل قابل للتجديد حسب رؤية الجامعة العربية . ولفت إلى أن البعثة ستقوم برصد الأوضاع في المدن السورية ومنها حمص وحلب ودرعا وادلب وحماة ، موضحا أن كل مدينة سيكون بها مكتب لأفراد البعثة.