كان آدم عليه السلام وحواء وحدهما لا ثالث لهما على الأرض، ومع ذلك، بالفطرة وحدها، استترا بورق الشجر، وجاءت الأديان مؤكدة على سلامة الفطرة وسموها اذ هما سترا أجزاء من الجسد ربما كانا لا يعرفان لماذا هي بالذات مع أن عريهما لم يكن ليثير شهوة أو نزوة أو رغبة طالما أن أحدا لا يرى منهما شيئا.. حياتنا اليوم نضجت وتطورت بحجم ملايين السنوات الضوئية، لكن " الحياء " بقي فطرة راقية للانسان مهما اختلفت الأزمنة والأمكنة لا يلغيه أو يستخف بقيمته ظرف ولا عصر، ولحظنا – كمسلمين – أن شريعة اسلامية سمحاء وضعت أصول اللياقة وحدود الاحترام وأدب المعاملة حكمناها دستورا للسلوك والأخلاق فحفظت لنا شرف انسانيتنا. منذ فترة قصيرة خرجت علينا فتاة صغيرة ( في العشرين من العمر ) بصورتها كاملة العري تنشرها على شبكة الانترنت، على ملأ الملأ للعالم كله، "واللي ما يشتري يتفرج"، سلوك يتجاوز كل حدود الفجر والجنون، وصادم بحث يصيب الرأس بالشلل فلا يجد أي تبرير أو تفسير خاصة ما ذيلت به الصور من تعليقات ملايين الزائرين لموقعها تبدي التأييد والرغبة في الانضمام الى الموقع كأصدقاء.. البنت تقول انها من شباب جماعة ثورية، لعن الله الثورية ان كان من مبادئها الفجور، هل لهذا السلوك ما يتصل بكون المرء "ثائرا"؟ أو مدعيا للثورية؟.. قضية الثائر لا تقع على خارطة الجسد..، وتقول إنها أرادت أن تعلن امتلاكها لحريتها، ومن ضمنها كل ما يتصل بجسد هو ملكية خاصة بها وحدها، نعم كان الجسد خاصا الى أن أصبح مشاعا وبالمجان.. هل تعاني البنت من عقدة اضطهاد لقبحها ودمامتها؟ العقل يقول :" اذا بليتم فاستتروا " وهذه قد روجت لدمامتها بعرضها أعظم ما تملك سلعة مجانية لأي عابر أو فضولي أو ساقط من فصيلتها.. هل هي ساذجة أمية سيطر عليها الجهل والغباء؟ من سيرتها لا يبدو هذا صحيحا فهي من بنات الجامعة الأمريكية التي لا يقربها الا الموسرون وأبناء الطبقات الخاصة.. واذن فما الذي زين لها رجسا فاق كل رجس ؟ صديقها " البوي فرند " كما يسمى في بلاد الافرنج يقول أنا فخور بما فعلته البنت، وأتبع ذلك بنشر صوره هو الآخر عاريا، وهما يعتبران ذلك غاية الثورية والتمسك بالحرية !! هل هكذا أفهمتهم الثقافة الأمريكية بجامعة المفروض فيها أنها تقدم أروع نماذج النتاج الانساني في الفكر والفن والأدب فاذا بها أفدح نماذج قلة الأدب.. انضمت الى هذا النادي ممثلة تونسية ظهرت شبه عارية، ربما لم تنضج حريتها بعد وتستوي، وربما واصلت كرة الثلج تدحرجها فانضم عضو رابع وخامس بعد الألف أو المليون... غريب أن المشرفين الأوروبيين على بعض مواقع النت وضعوا أيديهم على وجوههم خجلا من الصور وقدموا الاعتذارات والتحذيرات ولكنهم نشروها، فهل هي رسالة من الغرب الى شرقنا المجيد تقول بوضوح : " تتهموننا دائما بالتسيب والانحلال، وبأن لدينا ما لا يتناسب وثقافتكم، أنتم أيضا لديكم ما يخجلنا ويخدش حياءنا" ورغم أن هذا ليس صحيحا، فقد أعطتهم البنت الرشيدة هذه الفرصة..! هنا كارثة أخرى، فشبكة النت قدمت لنا أعظم الخدمات في سرعة الوصول الى المعلومة، فهل علينا أن نحجبها عن أطفالنا وشبابنا خوفا عليهم من هذه البنت وباقي أعضاء ناديها لا منتداها؟ هل تعرفون ما الذي توصل اليه رأسي المكدود من حادثة هذه البنت؟ لقد أصبحت الآن أرى المرأة التي تفرط في زينتها ليست امرأة راغبة في التجمل ومواراة عيوب الشعر أو البشرة وانما هي امرأة تتعرى عن دمامتها وقبحها، وما أروعها ساترة لقبحها ودمامتها أو حتى لجمالها وفتنتها، وأرى الرجل الذي يفرط في تأكيد صدقه والمباهاة به رجلا يتعرى عن كذبه، والمفرط في تأكيد الأمانة والنزاهة رجلا يتعرى على خيانته، والمتحذلق الذي يفتي فيما يجهل قبل ما يعرف جاهلا يتعرى عن جهله، والمباهي بتقواه رجلا يتعرى عن فسقه، عري من الداخل لا يختلف عن سفور التعري، والا لما فهمت البنت معنى " الحرية " والمجاهرة بها قاصرا على عري الجسد، ويبدو على قياساتي أن ثمة في عالمنا العربي آفة للتعري عن السوءات تمثل ثقافة خاصة لكل أعضاء هذا النادي، أو أن حياة جديدة قد قتلت ما بقي من حياء.