نشرت مجلة "ساينس" قبل أيام خبرًا حول تعاقد بعض الجامعات السعودية مع عدد من العلماء الدوليين البارزين والمتميزين في حقول معرفية معينة، وصرف الجامعة مكافآت لهم مقابل العمل الجزئي المتفق عليه بين الطرفين، وهو أسلوب مُتعارف عليه في عدد من الجامعات العالمية العريقة. وأضافت المجلة تعليقات ترى أن ذلك راجع إلى رغبة الجامعات السعودية في تحسين موقعها في التصنيف العالمي للجامعات. هذا الخبر ليس جديدًا على المهتمين بموضوع الجامعات والتصنيف من السعوديين لأنه سبق نشره في الصحف المحلية، وجرت تعليقات وردود متباينة حوله منذ أشهر طويلة، ولكن الجديد هو صدور هذا الخبر من مصدر أجنبي. والواقع، أن تهمًا أشد خطورة وردت ضمن ما نُشر في إحدى الصحف المحلية مفادها اتهام إحدى الجامعات ب"شراء الأبحاث". والملاحظ على هذه المقالات سواء تلك المنشورة في صحفنا المحلية أو حتى المقالة التي نشرتها مجلة الساينس أن هناك حشدا سلبيا واضحا ضد الجامعات السعودية بشكل يخرج أحيانا من إطار النقد الموضوعي إلى محاولة تمزيق الصورة وتشويه السمعة. وربما اعتمدت الكثير من النقاط المذكورة في المقالة الأجنبية على المصادر المحلية المنشورة والتي عرضت الكثير من الأمور بشكل مضخم أو غير دقيق. فعلى سبيل المثال يرى البعض أن تعاون الجامعات السعودية مع العلماء البارزين حول العالم في المجال البحثي يعني بالضرورة أن الجهد العلمي هو بساعد هذا الأجنبي بينما الجامعة السعودية ليس عليها سوى دفع المال له لكي يلصق اسمها بعمله المنشور في مجلات علمية محترمة حتى ترتفع نقاطها وتكسب اعترافا أكاديميا دوليا. والجدير ذكره أن أصحاب هذه النظرة يبدو أنهم لايثقون كثيرا بالجهد المحلي ولايرون أنه قد يكون هناك محاولة جادة لرفع مستوى البحث العلمي بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس لأنهم ربما يعتقدون أن التميز "الأصيل" هو في الأساس غير محلي. وهذه النظرة المجحفة انتقلت بصورتها التشاؤمية إلى مصادر أجنبية وجدت بهذا الأمر شيئا مثيرا. ولكن من نظر إلى هذه المكافأة على أنها "تحفيز" إيجابي ودعم لدور الجامعة العلمي، اعتبر أن المكافأة المالية الممنوحة هي نوع من التقدير للعالم والباحث الذي يسخّر وقته ويبذل جلّ طاقته لخدمة العلم وتقديم إنجاز معترف به عالميًا من خلال نشره لبحث في إحدى المجلتين العريقتين اللتين ثبت أنهما لاتنشران أي بحث إلا بعد التحقق من مقدار الإضافة العلمية الجديدة التي يحملها لخدمة البشرية في الحقل العلمي. وعلى أي حال فإن مبلغ المكافأة الذي يصل لدينا في أقصى حدوده إلى مائة وخمسين ألف ريال، لايوازي ماندفعه من مبالغ لآخرين يخدمون أنفسهم في مجالات كثيرة دون أن يقدم الواحد منهم للبشرية أي خدمة تقارن بمن يكتشف علاجًا لأحد الأمراض المستعصية أو خارطة للجينات أو غير ذلك من المكتشفات الرائدة والمعتبرة. بل إن جدلا يتكرر باستمرار عن تقديرنا لقيمة العقل مقارنة بغيره من الأعضاء، وهنا ترد المقارنة بين العلماء وبين اللاعبين أو الفنانين، لينتهي الجدل بعدم حصول العالم على مايستحقه من تقدير وعناية؛ فكثير من العلماء ممّن أفنوا حياتهم في البحث والدراسة يعيشون حياة الكفاف. على أن أصحاب هذه النظرة، لايستكثرون المكافأة على العلماء، بل يرون أنهم يستحقون ما هو أكثر من ذلك.