(وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون). من الصعب على أي إنسان أن يفقد عزيزاً لديه ولكن هذه سنة الحياة فنحن نؤمن بقضاء الله وقدره فهو الخالق والمحيي والمميت، والموت حق وكل نفس ذائقة الموت. لا أعرف من أين أبدأ وكيف أتحدث حارت بي الأفكار متسائلاً عن ماذا أتحدث؟ هل أتحدث عن حياته التي جندها في طاعة الله والتقرب إليه في كل وقت وفي أي مكان؟ أو صفاته الحميدة التي لا تحصى؟ أو أخلاقه الفاضلة؟ أو الرصيد الكبير من محبة الناس له؟. لقد جند نفسه منذ نعومة أظفاره وشبابه حتى آخر حياته في طاعة الله، لم تشغله أمور الدنيا ولو للحظة واحدة عن بعده عن ربه والتقرب إليه، كان لسانه رطباً بذكر الله وتلاوة القرآن، يدعو بدعوات صادقة لكل من يعرفه ومن لا يعرفه بقلب طاهر ونية صافية، قلبه معلق بالمساجد ينتظر الوقت تلو الآخر لمتابعة دخول وقت الصلاة والاستعداد لها والذهاب للمسجد قبل وقتها. يحرص على مجالس الذكر، يخشع قلبه لذكر الله عند قراءته وتدبره لآيات القرآن. أحبه الكثير ليس لمنصب أو جاه أو ثراء وإنما لما يتحلى به من الخلق النبيل ولين الجانب والإنسانية الفذة والبشاشة مع الجميع، يعطف على الصغير ويحترم الكبير، مبتسماً في جميع الأوقات، ترك خلفه رصيداً من حبٍ ووفاءٍ وإخلاص لا ينقطع. إنسان قل أن نجد مثله يخاف الله يعامل الناس بكل احترام وتقدير يتمنى الخير للجميع كما يتمناه لنفسه، لديه إصرار ورغبة شديدة في التواصل مع أفراد أسرته وأقاربه وأصدقائه ومعارفه. يبادر بالزيارة لهم سواء كانوا أصغر منه سناً أو أكبر يحرص على حضور مناسباتهم وأفراحهم ومشاركتهم أحزانهم. دائم التواصل مع أهل العلم والسؤال عن أحوالهم. يرى الصغير في منزلة الابن والكبير في مقام الأخ يدخل السعادة على قلب الصغير تعلق به أحفاده كثيراً يشتاقون لرؤيته يداعبهم ويمرح معهم. نصيراً للمرأة حنوناً عطوفاً عليها دائماً ما يوصينا بهن خيراً. يسعد لرؤية أبنائه وأحفاده عند زيارتهم له يشعر بسعادة غامرة ويشتاق لرؤيتهم في كل وقت. كثيراً ما يحدثنا في مجلسه عن قصصه مع أصحابه وأحبابه ومواقفهم الطيبة معه يدعو لهم في ظهر الغيب عند ذكره لهم، عندما يحدثه شخص عبر الهاتف للسؤال عنه ترتسم علامة الابتسامة على وجهه وتسبق حديثه له الضحكات الصادقة شوقاً وفرحاً بمحدثه. شاكراً لنعم الله الكثيرة داعياً الله العلي القدير أن تكون هذه النعم عوناً له على طاعته حامداً الله في كل لحظة. ينفق من ماله الكثير في عمل الخير لا تعرف شماله ما تنفق يمينه يساعد المحتاجين ويمد يد العون لهم. ما أجمل أن يحمل الإنسان السمعة والذكر الطيب بين إخوانه وكل من يعرفه ومن لا يعرفه، فمهما تحدثنا وكتبنا عن مآثره، فاللسان والقلم يعجز عن تعدادها ولا يمكن أن أفي والدي العزيز على قلبي حقه، ولا نقول إلا (إنا لله وإنا إليه راجعون) سائلاً الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وأن يبدله داراً خيراً من داره وأن يلهمنا الصبر والاحتساب والسلوان. ولا يفوتني إلا أن أتقدم باسمي ونيابة عن أُسرتَي الذيبان والمهنا بخالص الشكر والتقدير لأصحاب المعالي والفضيلة والسعادة لمواساتهم لنا في وفاة الوالد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ محمد بن علي بن حمد الذيبان، والشكر موصول لأهالي محافظة الأفلاج لمواساتهم لنا في فقيد الجميع والتعبير عن مشاعرهم الصادقة عبر منتدى مجالس الأفلاج وصحيفة الأفلاج الإلكترونية وفاءً وعرفاناً لرجل أحبهم وأحبوه في الله.