ثمة إهمال مستغرب لبعض الأسئلة في فرنسا، وهي بلد التنوير، فكأنّها في غفلة عن مجيء المولود الرقمي. «سألت بعض التلامذة: «كم من الوقت تمكثون أمام الشاشات»، فنظروا إليّ ككائن آتٍ من كوكب آخر». كتب هذه الكلمات أستاذٌ يدرّس الأدب الفرنسي في ثانوية «دي إيفلينز». وأضاف: «عندما أبلغت أولياء التلامذة بأن أبناءهم يقضون قرابة 5 أو 6 ساعات يومياً على الشاشة، ظنّوا أنني أريد الاستقالة، فكأنني أقول اننا عاجزون عن فعل أي شيء». ورد هذا الأمر في مقال للصحافية الفرنسية صوفي دي ديزير عنوانه «أطفالنا هؤلاء المتحوّلون»، ونشرته مجلة «لو نوفيل أوبسرفاتور» بعيد مجزرة «نيوتاون». حتى وقت قريب بقيت اللامبالاة حيال هذه القضايا منتشرة في الأوساط المدرسية والسياسية والنخبوية الفرنسية. في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، رفعت مفوضة حماية الطفولة إلى الرئيس الفرنسي تقريراً حول إشكاليات العصر الرقمي. بعدها، قرّرت «أكاديمية العلوم» الفرنسية أن تبحث هذه القضية في 20 كانون الثاني (يناير) 2013، تحت عنوان: «دماغي في مواجهة الشاشات». وفي بحوثه حول «كيف يتشكّل الذكاء»، لا يقول العالم البلجيكي أوليفيه هوديه، وهو اختصاصي في علم الأعصاب، أن هذا الأمر كارثي، لكنه يؤكد قوة تأثير الشاشات على أدمغة الأطفال الصغار، وأنها تحمل خطراً على طُرُق تكييف ذكاء الإنسان. هناك طلب مذهل على هذه «السموم» الرقمية المُخدّرة، في فرنسا، كما في معظم البلدان الغربية. وأظهرت الأرقام أن أعلى مبيعات ألعاب الفيديو على موقع «أمازون.كوم» عام 2012، هي «كول أوف ديوتي» Call of Duty، ثم «هالو 4» Halo 4، و «بلاك أوبس II Black Ops II «، و «أساسنز كريد III Assassin's Creed III». وفي أميركا، تصّدرت أفلام على شاكلة «ذي آفانجرز» The Avengers و «ذي دارك نايت رايزس» The Dark Knight Rises» شبابيك التذاكر هذا العام، وهي الأفلام مشبعة بالوحشية والدماء، تملك ألعاباً إلكترونية مماثلة لها.