لا تقحموا السعوديين في وظائف لا يرغبونها ولا تقحموا المنشآت في توظيف أشخاص لا ينتجون لأنه خطأ كبير لا يمكن غفرانه في عالم التوظيف والأعمال. الدول تسعى لعلاج البطالة ولكن ليس على حساب إنتاجية المنشآت الصغيرة والمتوسطة حتى لا ينشل العمود الفقري لاقتصادياتها بل إنها توفر البيئة المناسبة لها من تحفيز ودعم دون استعمال للغة التهديد حتى مع وجود العماله الأجنبية بالملايين تعمل لديها. لماذا نوظف السعودي من أجل التوظيف فقط لا غير مما يضر بمستقبله ومستقبل الاقتصاد؟ لماذا نهدد المنشآت بإغلاقها بدلا من تحفيزها؟ لماذا الخلل الهيكلي في سوق العمل لدينا؟ لماذا يقدم صندوق الموارد البشرية نصف الراتب للموظف من أجل توظيفه في المنشآت القادرة على دفع راتبه كاملا ومع ذلك لم يتم رفع نسبة التوظيف خلال العقد الماضي؟ لماذا تستعين الوزارة بالمكاتب الأجنبية للتوظيف؟ الإجابة على هذه التساؤلات يقود إلى تحديد المشكلة بدلا من محاولة التوظيف بقوة الكمبيوتر والقانون التي تنطوي تحت رؤية استراتيجيه هدفها خلق الوظائف المشكلة المتأصلة. واهمس في أذن الوزير بأن المشكلة ليست في إصدار قرارات جديدة أو وضع نظام نطاقات ولا في وجود العمالة الوافدة وليس الحل عند وزارة العمل، إنما الحل يكمن في السياسات الاقتصادية العامة من اجل خلق وظائف جديدة للسعوديين تعطيهم فرصة الاختيار لما يناسبهم. هذا لن ولن يتحقق إلا من خلال نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة بخطى متسارعه ترفع من نسبة مشاركتها في إجمالي الناتج المحلي الى 50% بدلا من 30% حاليا، لكن للأسف الآن فإن 50% من المنشآت قابعة في مستنقع نطاقات، بينما نسبتها في الاقتصاديات المتقدمة والصين أكثرمن 70%، إنها المشكلة الحقيقيه للاقتصاد السعودي. لا نريد برنامجا آخر على غرار برنامج الاستثمارات الاجنبية (10/10) لا يحقق إلا القليل على المدى القصير، أما على المديين المتوسط والطويل فتذهب الموارد سدى لأن التوظيف من اجل الوظيفة لا يرفع الإنتاجية التي تحفز المنشآت على المزيد من التوظيف من خلال توسعها في أعمالها. من السهل أن توظف الحكومة جميع الباحثين عن العمل (مليون عامل) كما في روسيا، لكن ليس جميع الوظائف متساوية، فالحد الأدنى للأجور (3000 ريال) يحد من قدراتها ويحرم أصحاب المهارات الدنيا من التوظيف فلا يفيد المجتمع بشيء بل يضره. إن التوظيف متناقص المنفعة يؤدي إلى تقليص أداء الاقتصاد ويخلق عدم اليقين أمام الشباب ولا يوظف عناصر الإنتاج الشحيحة (الأرض، العمالة، الآلات) بل يهدرها. إننا لا نريد وظائف من أجل التوظيف بل نريد وظائف من اجل رفع إنتاجية السلع والخدمات مع مراعاة مشكلة معدل دوران العمالة في الوظائف المرتفع جدا حيث لا يمكث معظم الموظفين الجدد في وظائفهم أكثر من شهر واحد في المتوسط والذي يصاحبه نقص في عرض العمالة فليس لدى المنشآت بديل عندما يغادر خالد يتم إحلال محمد مكانه فورا حتى لا تتعطل الأعمال كما هو موجود في الأسواق المتوفرة فيها العمالة. ماذا سنفعل بمليون عامل حاليا؟ ماذا عن دخول 300 ألف باحث عمل سنويا؟ إن عملية الإحلال فاشلة بينما عملية خلق الوظائف سنويا ناجحة وستحفظ كرامه الباحثين عن العمل وتضع مصداقية التوظيف على المحك وذلك أفضل من دفع استحقاقات حافز مقابل عاطل. أليس من قبيل المصادفة أن يرتفع عدد العاطلين قبيل التقديم على حافز بينما يرتفع التوظيف مباشرة بعد انتهاء مدته. هكذا يسعى العديد من الأفراد في الواقع إلى تعظيم فوائدها وتبقي على حافز حتى تنتهي فوائده، وإذا ما عملوا على الإطلاق سيكون عمل مقابل نقدية من تحت الطاولة ولن يتركوا أي أموال على الطاولة. هذا على الأقل ما قد يجادل به بعض الاقتصاديين وأعرف انني واحد منهم.