ماذا يعني جيش بدون جنود؟ أو مستشفى دون أطباء وطاقم تمريض؟ أو طائرات على أحدث طراز دون طيارين. وقس على ذلك المدرسة والسيارة والمصنع وخلافه. إذاً العنصر البشري هو الأساس في كل نشاط ومنجز ينتِج. هذه الحقائق ليست جديدة لكن سبب التذكير بها هو تجاهل بعض المؤسسات والأجهزة لحقوق العاملين لديها وكأنهم مجرد (أشياء) يمكن الاستغناء عنها أو تبديلها في أي وقت. معروف أن لكل عنصر بشري عامل مميزاته وقدراته الفطرية التي تحدد طموحه فما بالك حينما تخسر عليه الشركة أو المؤسسة الوقت والجهد والمال في تدريبه ورفع كفاءة مهاراته وتحمل غيابه أثناء تدريبه ثم فجأة تستغني عنه. ممكن قبول هذا على مضض في شركات ومؤسسات القطاع الخاص حينما تشعر بقرب إفلاسها، لكن في الأجهزة والمؤسسات الحكومية وكذا المنظمات غير الربحية لا يمكن الاستغناء عن عنصر بشري مهاري عامل ومنتج. حين تحدث مطبات في أداء تلك الأجهزة تفكر في حلول أخرى بعيداً عن مس كوادرها البشرية التي تعتبر عماد وجودها. دعوني أضرب لكم مثلاً من الواقع؛ قامت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بإنشاء معاهد تدريب مهنية بصبغة عسكرية لكي تؤهل كوادر بشرية مهنية منضبطة وقادرة على الانخراط في العمل بالقطاعات العسكرية، وهذا أمر جيد ومحمود سد بعض فجوات الأعمال المهنية في تلك القطاعات التي يفترض أن تكون مقصورة على أبناء الوطن. أياً كانت السلبيات التي صاحبت المشروع إلا أنها كفكرة كانت محل ثناء الجميع. استمر الأمر طبيعياً حتى حدث ما عكّر صفو البعض حين تم تحويل أحد تلك المعاهد إلى قطاع آخر لا علاقة له بالمؤسسة. معهد القصيم. قيل للمدربين هناك انتهى وجود المعهد ولكم أن تواجهوا واقعكم بأنفسكم. إما النقل لأقصى الجنوب معهد خميس مشيط أو مع السلامة..! دارت مكاتبات ومخاطبات على أعلى المستويات الرسمية دون سماع المتضرر بالحكاية وهم المدربون أهل تلك المنطقة المرتبطون بمسؤوليات أسرية واجتماعية وحتى مادية. أتت الطامة على المدرب الذي وجد نفسه بين المطرقة والسندان. إما ترك والده أو والدته العاجزين والرحيل إلى الجنوب أو وقف مرتبه وبالتالي الاستغناء عنه..! هل يكفي هذا؟ لا.. بل تم قطع كل إمكانيات الحلول بالتهديد بالأوامر الصادرة التي استقوت بها المؤسسة على أبنائها ممن أفنوا أعمارهم وتفانوا في أعمالهم. أثناء تفقد الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمشاريع أو افتتاحها أرى في وجهه البشر والانشراح حينما يصافح أبناء الوطن العاملين وهم في الصدارة. فكيف بنا ونحن نحشرهم في أضيق الزوايا؟ لا عيب في التراجع عن القرارات الخاطئة. أيعجزكم بضعة أفراد.