ثروة كانت تحرق هدرا في أنحاء متفرقة من العالم. هذا العبث التقني وضعت حدا له تطورات جديدة منها أن الغاز الطبيعي أضحى رافدا مهيمنا ونظيفا من مصادر الطاقة ومؤثرا تجاريا وماليا في العديد من اقتصاديات الدول النامية، حيث تشهد عملياته تزايدا في التنقيب والمعالجة والاستهلاك. فالمعلومات تشير إلى أن الاحتياط العالمي قرابة 175تريليون متر مكعب، تستهلك الدول الصناعية 60 في المائة، والدول النامية النسبة الباقية، منها ما يقرب من 9في المائة تقريبا للدول العربية. الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيفوق في نسبة نموه كلاً من النفط والذرة والفحم والكهرومائية والرياح. أسعار الغاز الطبيعي زادت ثلاثة أضعاف عما كانت عليه في منتصف التسعينات، وهناك فارق كبير بين الزيادة المتصاعدة للاستهلاك والنقص الكبير في الإنتاج يأتي الغاز الطبيعي في الأهمية بمرتبة تلي النفط لتلبية احتياجات العالم من الطاقة حيث تتنوع استخداماته لتشمل وقود توليد الطاقة الكهربائيه وإنتاج المياه المحلاة ويدخل كلقيم في الصناعات البتروكيماوية والبلاستيكية ويستفاد منه في العديد من المنافع المنزلية. إحلال الغاز محل بعض المنتجات النفطية لغرض توفير أكبر كمية ممكنة من الزيت للتصدير، كما أن التوجهات العالمية تجاه حماية البيئة والمناخ ستكون لصالح الغاز، إذا كان الالتزام جادا بخفض التلوث من المصانع والمرافق في الدول الصناعية. بالإضافة إلى أن الغاز الطبيعي يمكن إعادة حقنه في المكامن البترولية بهدف المحافظة على ضغطها الطبيعي.المرحلة القادمة من التخطيط البترولي ستكون لبناء مشاريع عملاقة مخصصة للتصدير، ولأن الغاز يوجد في نوعين من المكامن الجيولوجية أما مصاحبا للنفط أو جافا، وحيثإن بعض الدول تمتلك إحتياطات كبيرة جدا من الزيت، فإن الغاز المصاحب كبيرا أيضا وسيتركز معظم الاستثمار في هذا الصنف المرافق لأنه قليل التكلفة نسبيا إذا قارناه باستخراج الغاز الجاف أو الحر. لذا فالغاز المصاحب قد يتحول تدريجيا إلى منافس للمنتجات النفطية في جلب الإستثمار. الاتجاه الدولي المتزايد لإنشاء منتدى خاص بالدول المنتجة للغاز الطبيعي وعلى غرار منظمة أوبك، تشكل في الاجتماع الذي انعقد مابين يومي 25 و 27 من أبريل الماضي في عاصمة ترينداد وتوباقو، ودعي له كل من الجزائر وبوليفيا وبر وناي ومصر وإندونيسيا وإيران وليبيا وماليزيا ونيجيريا وعمان وقطر وروسيا والإمارات وفنزويلا بالإضافة إلى الدولة المضيفة. كما دعيت دول للمراقبة مثل النرويج والأرجنتين وغيانا الإستوائية. هذا التجمع المعروف منذ أربع سنوات فقط، من ضمن أهدافه مناقشة سبل التعاون مع الدول المستهلكة، والجهود المشتركة للحصول على حصص أكبر من مداخيل ثروتهم. هذا يعني قيام تنظيم اقتصادي تنافسي يسعى إلى الهيمنة على أسواق الغاز الطبيعي والتحكم في أسعارها، وهو ما سيؤدي إلى تكتل يسعى لارتفاعها. هذه الدول تستحوذ على 53 في المائة من إجمالي استهلاك دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.ما يدفع بإنشاء منتدى للغاز الطبيعي، وإن كان منظورا، هو التقنية العالية التي عدلت من نمطية الاستهلاك. ففي السابق كان معظم المخزون يتواجد في مناطق جغرافيه متقاربة مثل شمال أمريكا، أو منطقتين رئيستين مثل روسيا الاتحادية والخليج العربي، لكن التوزيع القاري اختلف بزيادة عدد المنتجين والمستهلكين. كما أن نقل الغاز الطبيعي عبر أنابيب طويلة ومكلفة، حقق تقدما وذلك بإسالته وضغطه ونقله في سفن عملاقة تجوب بحار العالم بحثا عن مستهلكيه. والجدوى هي إيجاد أسواق وأسعار متكاملة وفوريه عبر نقاط توزيع محددة، وسياسات متناغمة تمنع إعادة تصديره لمن اشتراه. هذا بلا شك توجه لاحتكار جديد يتحكم في الأسواق ويقلل من حريتها، أو قد يوجد ثلاثيا مهيمنا يتمثل في روسيا وإيران وقطر سيواجه معارضة قوية من جهات فاعلة بتروليا.في يناير الماضي توقعت وزارة الطاقة الأمريكية أن استيراد الغاز من خارج شمال أمريكا سيزيد 700 في المائة، ما نسبته ربع الإستهلاك الأمريكي، بسبب النفاذ التدريجي لمخزون كل من الولاياتالمتحدة وكندا. قوانين التحكم في التلوث المحلي الذي روج لها في عقدي الثمانينات والتسعينات، أرغمت الكثير من الصناعات على التبديل، حيث أن معامل الطاقة الكهربائية أصبحت تستخدم الغاز الطبيعي في مجملها. استهلاك الغاز الطبيعي ارتفع 40 في المائة عما كان عليه في منتصف الثمانينات، والمتوقع زيادته 40 في المائة أخرى بحلول عام 2025 م. الضرر الأمريكي تمثل في انخفاض التوظيف 12 في المائة في المعامل الكيميائية والمصانع البلاستيكية، منذ زيادة أسعار الغاز الطبيعي التي بدأت عام 2000م، مما نتج عنه إغلاق لا يقل عن عشرين مصنعا للأسمدة وحدها، وأثر سلبيا على قطاعي الزراعة والتصنيع. هذا ما تتعرض له الولاياتالمتحدة من تهديد لتوسعها الاقتصادي بسبب شح الغاز الطبيعي، مما يشجع على رسم توجهات عالمية جديدة تهتم بهذه الثروة ومستقبلها. ٭ وزارة البترول والثروة المعدنية