بعض القرّاء - ولا أقول أكثرهم - يجدون بهجة في مناقشة المفردات المناطقية أو التي تكون مبهمة بعض الشيء ، أو قواعد اشتقاقها ودلالاتها . هناك المولّد والدخيل والمعرّب والملحون والمغلوط . وفي ساعات أجد نفسي مبتعداً عن الشأن المحلي والمطالبات المدنية والاقتراحات ، وأدخل – راغباً – في المفرداتية وأبحث عن مصدرها وكيف جاءت . وبما أننا في الجانب الغربي من بلادنا دخلت علينا مفردات من اللهجة المصرية والتركية . وفي الجانب الشرقي من وطننا تتوفر كلمات من دول الخليج اشتقت من الفارسية . ولا أسلم من بعض العتاب من القراء الذين يرون أن علاج الهموم والأوجاع المحلية شيء أجدى . وأقول لقد قرأت في مكتبات الغرب كتباً ومجلات دورية اشتهرت بالكتابة عن كل ما استجد في ميدان اللغات واللهجات المحلية . بل إن هناك قواميس متخصصة بمفردات منطقة بذاتها . وقد يغيب عن أذهان زوار مدينة لندن أن هناك لغة أو لهجة تُستعمل فقط داخل منطقة ( الإيستند ) أي الجانب الشرقي من المدينة . الكوكني كنية أهل لندن، خاصة من يعيش في منطقة الإيست إند. وجرى العرف أن الكوكني هو كل من ولد في بيت على مسمع أجراس كنيسة سانت ماري لي بو. كما تشير كلمة الكوكني إلى لهجة من لهجات اللغة الإنجليزية يغير متحدثوها أصوات الصوائت في مثل نطق كلمة LADY، لتصبح LYDY ، وكلمة ROAD ، لتصبح ROWD، كما يُسقطون حرف ال H في بداية الكلمات، كما قد يضيفونه لكلمة تبدأ بأحد الصوائت مثل ARD ويقصدون HARD، و HANSWERED ويقصدون ANSWERED . وتصفحتُ أخيرا مرجعاً اسمه ( الدخيل في الفارسية والعربية والتركية للدكتور إبراهيم السامرائي . وتوقفت عند سابقة بالفارسية ( بي ) . فوجدتُ أنها أي ( بي ) تنفي مكانة مابعدها . مثلا : بي تجربة : تعني غير مجرّب . بي زحمت : بلا تعب . بي سبب : بلا سبب أو دليل . بي شبهة : بلا شك . بي سليقة : بلا ذوق . وجاء في ذهني اسم رئيسة وزراء باكستان الراحلة ( بي نظير بوتو) وتردد اسمها في الأخبار لفترة زمنية طويلة . وكوّنت رأيا من غير بينة كافية – كون الأردية والفارسية تشتركان في كثير من المفردات أن ( بي نظير) تعني : لا نظير لها ، أو الفريدة . ولو أطلقوا عليها " فريدة " لأدى الغرض .