لا يدور حديث بين نساء غالباً وربما أحياناً، إلاّ وكان من بين موضوعاته صمت رجالهن.. وحسرتهن وألمهن من دخولهم إليهن ببرود عاطفي ممل، و"نفسية..اللهم يا كافي"، ثم مسك "ريموت" قنوات التلفاز، وتبدأ رحلة الصمت الأكبر حين يكون التركيز عالياً مع نظرات لا تتوقف عن المشاهدة، والتنقل بين قناة وأخرى.. و"المرأة الغلبانة" تنتظر كلمة.. نظرة.. حنان.. ابتسامة.. قصة.. موقف.. أي شيء "عطنا وجه".. ولكن دون فائدة، ويبقى السؤال المثار: لماذا ثرثرة الرجال في فترة الخطوبة وبعد الزواج صامتون؟. الإجابة على هذا السؤال نعرضه من خلال دراسة علمية أجرتها "أ.د.أمل المخزومي" - من جامعة كدس في تركيا -، وهي دكتورة متخصصة في علم النفس، وخلصت إلى نتائج مهمة، حيث استعرضت في البداية الفروق الفردية نفسياً وعاطفياً وفكرياً بين الرجل والمرأة. فروق فردية يدخل البيت ببرود عاطفي ممل و«نفسية.. اللهم يا كافي» ثم يمسك «ريموت» القنوات.. بداية تقول "د.أمل": "هناك فروق فردية بين الأفراد بحيث لا يتساوى اثنان مهما بلغت درجة القرابة بينهما، حتى لو كانا توأمين متطابقين، كما أنّ هناك فروقا فردية واضحة كل الوضوح بين الرجال والنساء، على سبيل المثال أشارت الأبحاث إلى أنّ الرجال بشكل عام أفضل من النساء في حل المسائل الحسابية والميكانيكية، أما النساء فإنهن أفضل في استعمال اللغة بكل اتجاهاتها، ولديهن القدرة على الاستذكار، كما أنهن بارعات في المجال الذي يتعلق بالشئون الاجتماعية والتذوق للجمال والتنسيق، من الطبيعي أنّ هناك استثناءات بين الرجال والنساء في كل ما يذكر في هذا المجال". عاطفة المرأة وعاطفة الرجل أما من ناحية العواطف والغرائز التي يمتلكها الإنسان، فترى "د. المخزومي" أنّ الجهاز المسؤول عنها - الذي يطلق عليه بالجهاز الجوفي system Limbic - يكون لدى المرأة أكبر وأكثر نشاطاً مما يكون لدى الرجل، ولهذا تكون عواطف المرأة وغرائزها أكثر تغييراً وإثارة، كما أنها أكثر تعبيراً ووضوحاً عن عواطفها من الرجل، وتكون جياشة أحياناً، مشيرة إلى أن هذا الجهاز له علاقة كبيرة في غريزة الأمومة والارتباط العائلي، ولهذا تكون المرأة متمسكة بالعائلة أكثر من الرجل، وأكثر عطاء في الرعاية والاهتمام بأفراد العائلة. وأضافت:"يعتبر الرجل أكثر اتزاناً في المجال العاطفي من المرأة، فالنساء يصبن بالهستيريا والهلع أكثر من الرجال، ولكن عندما يصاب الرجال بالهلع أو اضطراب الأعصاب فإنهم يتاخرون بالشفاء، بينما النساء يشفين أسرع، ويصاب الرجال بعمى الألوان، بينما نسبة الاصابة بين النساء بهذه الحالة تكون قليلة جداً، وتعادل النسبة بينهما ثمانية أضعاف لدى الرجال عما يكون لدى النساء، إضافة إلى أن اهتمام النساء بالألوان المختلفة يكون أكثر تطوراً ونمواً مما يكون لدى الرجل. رجل في «شقة شباب» لا يمكن أن يصمت مع أصدقائه الكلام والمنطق وأشرت إلى أن النساء يتفوقن على الرجال بالمناظرة الكلامية، وتذكّر الأحداث، إلاّ أنهن يستعملن حركة اليدين ببراعة متناهية، ويستعملن عضلات البلعوم واللسان عند التحدث، كما يستعملن كلمات تثير العواطف والانفعالات، ويبرعن في تغيير نبرتهن الصوتية، ويستعملن الطرق التي تبرز حنانهن وعطفهن على الآخرين والمستمعين، بينما الرجال يستعملون الحنجرة في طرح أفكارهم، ويؤكدون على العوامل العقلية أكثر من العاطفية، ويخاطبون العقول أكثر مما يخاطبون العواطف، موضحة أن بعض الرجال يكونون أكثر عدوانية، ويبدعون في خلق المشاحنات والخلافات لتفريغ الشحنات العدوانية لديهم؛ ولهذا تطمح التربية الحديثة إلى توجيههم إلى الالعاب العنيفة لتفريغ تلك الشحنات، كالرياضة العنيفة المصارعة والملاكمة وغيرها، كما انهم يميلون لمشاهدة الافلام العنيفة، إضافة إلى أنهم يميلون للمنافسة وإظهار قوتهم الجسمية. لماذا يصمت الأزواج؟ وقالت "د. أمل" تتعطش المرأة لسماع الإطراء والكلام من الرجل، خاصة كلمات الحب والغزل ومدح جمالها ورشاقتها وما تعمل وتؤدي من وظيفة إن كانت عائلية أو مهنية.. الخ، ويميل الرجل في فترة الخطوبة إلى إشباع رغبة خطيبته في ذلك الجانب، وبعد الزواج تتراجع تلك الكلمات تدريجياً حتى تتلاشى، مما يجعل المرأة تندفع لملء ذلك الفراغ الذي تشعر به، وتبدأ بالتحدث وكثرة الكلام، ويستمع لها الزوج أحياناً ويتلاشى اهتمامه وسماعه لها، وبالتدريج يصمت ويصمت ويكون ذلك الصمت قاتلاً للمرأة ولأفراد العائلة. مشاعر الحب وأضافت: هناك فرق بين الرجال والنساء في إظهار مشاعر الحب، ولا ننسى المثل الصيني الذي يقول (الرجل يحب بعينيه والمرأة تحب بأذنها)، ويجلب اهتمام الرجل مظهر المرأة وجمالها ورشاقتها وعذوبة صوتها وغنجها، أما المرأة فانها تطرب لسماع كلمات الحب والتغني بذلك الجمال وتلك الرشاقة، وبعد الزواج يتبدل الأمر فتنقلب الرشاقة الى سمنة وأحياناً مفرطة، والعذوبة إلى صياح مع الأطفال والخدم، بحيث لا يجد الرجل مجالاً ليتغنى به؛ لأنه تبدل كل شيء وأكبر تبدل الذي يحدث في مظهرها بعد الزواج؛ بسبب الحمل والولادة ورعاية الأبناء ومشاكل العائلة، ولهذا تكون عين الرجل حائرة ولسانه معقودا ويصمت، عندها يتسرب القلق للزوجة والخوف على زوجها من تلك الظاهرة أي ظاهرة الصمت، ولسان حالها يقول كان لا يسكت عن الكلام لماذا صمت الآن؟، ولم تنتبه إلى السبب الذي أدى إلى صمته وتعيد النظر بذلك التغيير الذي طرأ على شكلها وسلوكها، كما أنها تراقب نظراته عندما يخرجان إلى الخارج، وكيف يتابع رشاقة النساء، وكذلك أثناء مشاهدته لبرامج التليفزيون، أما إن بدرت منه ملاحظة أو إعجاب نحو من يعجب برشاقتها فتحدث المشكلة، ولهذا يفضّل الصمت لحماية نفسه من تلك المشاكل. دهشة المرأة قد تصل إلى حد الانفصال