من أهم حقوق المواطن أن لا يقتصر تحديد مستويات الخدمة المقدمة إليه فقط على الخدمات الاستهلاكية اليومية، لكنه أصبح بحاجة لأن يخوض تجربة التنصيف لمستوى الخدمات التي تسهم في تطوير الفرد، والذي يُعد تطويره هو تطوير للحركة التنموية الحقيقية للوطن، فالتعليم على الرغم من أنه المحرك الأول لتنمية الأمم، إلاّ أنه مازال يخضع لمقاييس غير دقيقة في الحكم على جودته، خاصةً التعليم الأهلي بأنواعه، سواء على مستوى الكليات أو الجامعات الأهلية، أو حتى المعاهد أو المدارس الخاصة، والتي أصبح المواطن يقبل عليها من منطلق ارتفاع رسومها دون التأكد من جودتها، فمتى تدخل الخدمات التعليمية في تصنيف مستوياتها بناء على جودة مخرجاتها، وليس من منطلق مدى خدماتها الفندقية المقدمة؟. وقال "د.نوح يحيى الشهري" -رئيس قسم مهارات الاتصال بجامعة الملك عبد العزيز بجدة -: إن التعليم اليوم أصبح سلعة تباع، وذلك ما لابد أن يتم التنبه إليه، فالتعليم قضية حيوية في المجتمعات وقضية حيوية تنموية؛ لأنها تركز على رأس المال البشري، وقوة أي أمة هي في قوة مخرجاتها التعليمية، مضيفاً أن إدخال القطاع الخاص في التعليم سلاح ذو حدين، فهو مفيد؛ لأنه يتيح المجال لأهل المال والأعمال في تنمية هذا القطاع بآليات مبتكرة وإبداعية بعيدة عن "البيروقراطية"، بل ويفتح المجال للتنافس الحر بين مقدمي الخدمة سواء كان ذلك على مستوى المدارس الأهلية أو الكليات الأهلية، إلاّ أنه سيئ حينما تصبح الربحية فقط هي المهمة التي تركز عليها تلك الجهات، بعيداً عن جودة التعليم أو المخرجات أو إيجاد البيئة المناسبة. وطالب أن يكون هناك تصنيف ووضع معايير لجودة التعليم وذلك ما بدأت به وزارة التعليم العالي متمثلة بالهيئة الوطنية للاعتماد الأكاديمي، بحيث يكون هناك معايير المقدم، مقترحاً ضرورة إيجاد جهة مستقلة هدفها إيجاد المعايير والمستويات للتصنيف لكل العاملين في القطاع الأهلي التعليمي، سواء كان عاماً أو خاصاً وهذه الجهة من خلال معاييرها من الممكن أن تعطي تصنيف لهذه المدارس أو الكليات؛ لضمان خدمة تعليمية جيدة تقدم للمواطن، مؤكداً على أن من يحكم على قوة المدارس الأهلية من ناحية التعليم للأسف الرسوم الكبيرة المقدمة، فهناك من أولياء الأمور من يربط ارتفاع الرسوم بارتفاع الخدمة التعليمية المقدمة، وذلك غير صحيح؛ لأنه ربما يكون سبب ارتفاع الرسوم هو التركيز على المظاهر في هذه المدارس أكثر من المضمون، مشيراً إلى أن ما يهم في التعليم هو جودة المخرج، وهذا السؤال لابد أن يوجه لمركز القياس الوطني، فلو تم إجراء دراسة ميدانية عن خريجي المدارس الأهلية وخريجي المدارس الحكومية وأيهما يحصل على نتائج أعلى في اختبار القدرات أو التحصيل، لربما هذه الدراسة تظهر مستوى مخرجات المدارس الأهلية. وأوضح أن المسؤولية الكبيرة ملقاة على وزارة التربية والتعليم، المعنية بالتأهيل للطلاب، فهي أحوج إلى وجود هيئة مستقلة تعنى بتصنيف مستوى التعليم سواء كان الأهلي منها أو الحكومي فلاعوائق في ذلك، فالقرار ينتظر أن يتخذ على أن تكون تلك الهيئات التي تحدد التصنيف هيئات مستقلة بعيداً عن "البيروقراطية"، مؤكداً على أن الإشكالية حينما يكون هناك تضخم في الرسوم ولا يكون هناك تقديم للتعليم الجيد.