منذ اللحظة الأولى التي تحملت فيها مسؤوليات وزارة الصحة، وأنا أضع نصب عيني خدمة الوطن والمواطن، وهي مسؤولية جسيمة، شعرت بثقلها، ولن أقول أعبائها، لأنها ليست عبئاً بقدر ما هي شرف لكل من ينتمي لهذه الأرض الطيبة أن تتاح له فرصة خدمة مليكه ووطنه .. ولكنها بدت جسيمة منذ أن وجهني خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز بالاهتمام بالمريض وبتحقيق أعلى مستوى من الخدمات الصحية لكل مواطن وفي كل مكان.. فكانت هذه التوجيهات السامية بمثابة الرؤية الشاملة لقيادتنا الحكيمة في كيفية العناية بتطوير الخدمات الصحية بالبلاد، في تكامل مع منظومة التطوير والتحديث التي تشهدها كل مرافق وقطاعات الدولة، في إطار حركة التنمية الحضارية التي يقودها بحكمة واقتدار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية. من هنا أيقنت أن وزارة الصحة، مثلها مثل كل قطاعات الدولة ، تشهد مرحلة جديدة من العمل الصادق الدؤوب من اجل تقديم خدمة صحية مؤسسية ، لها نظم ولوائح محددة ، وآليات متطورة للتنفيذ ، حيث إن تحسين وتطوير الخدمات الصحية لا يقتصر فقط على المنشأة الصحية من ناحية والمرضى من ناحية أخرى ، بل تخطى ذلك إلى عمل متكامل تصبح من خلاله الفئة المستهدفة، وهي المرضى وذووهم ، هي محور الخدمة الصحية . صحيح أن كفاءة المنشأة تحظى باهتمام، إلا انه اهتمام يأتي في إطار استراتيجية متكاملة لتقديم أرقى مستوى من الخدمات الصحية للمرضى في كل بقعة على ارض هذا الوطن الغالي. وليس خافياً على احد أن الاهتمام بحقوق المرضى ذو أولوية في سلم الرعاية الصحية في كل الدول المتقدمة، وربما أن تجربتي الشخصية كطبيب وإداري في مختلف مواقع المسؤولية السابقة لم تكن بعيدة عن ذلك، ولكن تقنين هذه الحقوق ضرورة مهنية وأخلاقية، وهي خطوة مهمة لإرساء قاعدة راسخة من المفاهيم حول هذه الحقوق لدى المرضى أنفسهم وذويهم، ولدى كل منسوبي القطاعات الصحية المختلفة أيضاً. حيث لا بد أن يكون هناك توافق وتفهم لدور كل فرد في هذه المنظومة حتى نتمكن من تقديم خدمات متكاملة، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال وضع أسس منتظمة لكل هذا. وفي هذا الاتجاه تشهد الوزارة حالياً حراكاً تطويرياً شاملاً.. حيث نفذت العديد من البرامج الهادفة لخدمة المرضى تحقيقاً لشعار " المريض أولاً " ، ومن أبرزها برنامج علاقات المرضى وهو بمثابة حلقة الوصل بين المريض ومقدمي الخدمة الصحية في كل مرافق الوزارة بالمملكة، حيث قامت الوزارة بوضع خطط علمية لدراسة المقترحات والملاحظات والشكاوى المقدمة من المرضى وذويهم، ووضعت آليات محددة لقياس رضا المستفيدين من الخدمات الصحية بهدف تطوير الأداء في المنشآت الصحية.. وغير ذلك من إجراءات أخرى. لهذا كان من الأهمية بمكان إجراء نقاش علمي ومجتمعي حول علاقات وحقوق المرضى.. وفى هذا الإطار يأتي المؤتمر الدولي الأول لعلاقات المرضى الذي تنظمه الوزارة خلال الفترة من 25 26 من ذي الحجة 1432ه تحت شعار ( المريض أولاً ) كخطوة مهمة في إرساء ونشر ثقافة علاقات المرضى، حيث يناقش المؤتمر لائحة حقوق المرضى التي وضعتها الوزارة وتشمل كافة فئاتهم من مرضى عاديين ومرضى من كبار السن والمرضى النفسيين والمرضى من ذوي الاحتياجات الخاصة.. وغيرهم، بالإضافة إلى حقوق وواجبات المرافقين للمرضى. إن إثراء النقاش الفكري حول حقوق المرضى هو إحدى الآليات الفاعلة التي تستهدف الوزارة من خلالها تقديم خدمة صحية شاملة ومتكاملة.. وذلك ما نسعى إليه بإذن الله تعالى، آملين أن تلبي الجهود المبذولة من كل منسوبي الوزارة تطلعات خادم الحرمين الشريفين الذي يولي الرعاية الصحية اهتماماً غير محدود ، كما نأمل أن تتوافق مستويات التطور في الخدمات الصحية مع رؤية سمو ولي العهد الأمين في العمل المهني الجاد.. وإزاء ذلك لا نملك سوى العمل بكل جد واجتهاد لإيصال الخدمة الصحية المتطورة إلى كل مواطن على ارض المملكة.. وهذا ما تصبو إليه وزارة الصحة انطلاقاً من إدراكها أن الصحة العامة للمواطنين جزء لا يتجزأ من مستقبل هذا الوطن. *وزير الصحة