من باب الصدق مع النفس أعترف أن " بعضنا " قد استبشر خيرا بالخبر الذي نشر هذا الأربعاء معلناً انفراج أزمة العمالة الفلبينية والاندونيسية ، ومحدداً وقتاً لعودة هذه العمالة بحيث تعود الفلبينية بعد شهر والاندونيسية بعد ثلاثة أشهر . فطالما نحن نعتمد على خادمات في بيوتنا ، ومعظمنا لا يستطيع الاستغناء عنهن ، إما لظروف العمل أو البيئة أو المرض ، فتبقى هاتان العمالتان هما خيارنا الأفضل بين باقي العمالات بجنسياتها المختلفة . ومع ذلك يهمنا – جداً - أن تكون الفلبين واندونيسيا قد استوعبتا الدرس جيداً ، فالمملكة لا يمكن أن " تلوى ذراعها " بطلبات وشروط خارجة عن سياقنا الاجتماعي والإنساني ، وها قد رأتا بأم أعينهما كيف تضرر اقتصادهما من جراء انقطاع الاستقدام منهما لأشهر قليلة ، فما بالك لو استغنت المملكة فعلاً – ونهائيا- عن عمالتهما ؟ لا جدال بأنه يحق لكل عمالة لدينا – مهما كانت – أن نحفظ عليهم حقوقهم وإنسانيتهم ، وبالمقابل من حقنا نحن أيضاً أن نحمي أنفسنا منهم ونحفظ حقوقنا وأسرنا من تجاوزاتهم و تلاعباتهم ، إذاً المسألة تبقى في إطار اتفاقٍ عادل يحفظ حقوق جميع الأطراف ويحمي مصالحهم . لاحظوا أنني قلت في البدء أن " بعضنا " استبشر بهذه العودة ، أما " البعض الآخر " فهو - بصراحة – قد استاء من هذه العودة ، لأنه كان يفضّل أن تدفعنا حاجتنا للعمالة إلى البحث عن حلول أفضل وأكثر حفظاً لحقوقنا ومصالحنا ، كالتعجيل بالترخيص لمكاتب استقدام تؤجر العمالة الموثوقة بالساعة ، بأسعار معقولة وفي متناول يد المواطن ذي الدخل المحدود ، فما حاجتنا لاستقدام خادمة تعيش في بيتنا 24 ساعة وعلى مدة سنوات ، تختلط مع كل أفراد الأسرة وضيوفهم ، وتطلّع على التفاصيل والأسرار والمقتنيات ، في حين بإمكاننا أن نستأجر عاملة جيدة – من ذات الجنسيات - تأتينا في أوقات من اليوم نحن نحددها ، وتأخذ أجراً " أقل" من المبلغ اليومي الذي تأخذه عادة منا في حال الاستقدام التام " حسب الساعات التي نحتاجها فيها " وفي هذا توفير وحلّ أزمة فئات كثيرة من المجتمع ؟ كل ما نتمناه حالياً أن تستعجل وزارة العمل في استصدار التراخيص لمثل هذه الشركات ، فنحن نعلم ، وقد قرأنا مؤخراً عن هذا الأمر، أن هناك شركات كثيرة مماثلة تقدمت بطلب التراخيص وتنتظر الموافقة لمباشرة عملها ، وهي التي ستتحمل نتائج كافة التجاوزات التي قد تصدر من الخدم في بيوتنا من أذى أو إهمال أو ما شابه ذلك .. فهل سيكون الوضع عندها كما نأمل ونتمنى ؟ .. نرجو ذلك.