في عام 1955 سافر طالب سوري يدعى عبدالفتاح الجندلي الى أمريكا لدراسة العلوم السياسية. وفي جامعة نيفادا أحب زميلة له تدعى جوان كارول شيبل.. غير أن والدها كان عنصريا متعصبا رفض زواج ابنته المسيحية ذات الجذور الألمانية من شاب عربي مسلم.. وحين تفاجأ الجميع بحمل الفتاة طلب منها والدها ولادة طفلها في مكان آخر.. ويقول عبدالفتاح عن تلك الفترة: سافرت جوان دون علمي إلى سان فرانسيسكو بطلب من والدها وأطلقت على الطفل الجديد اسم "ستيف" ووافقت أنا على تسليمه لعائلة طلبت تبنيه تدعى "جوبز".. وبعد عشرة أشهر من ولادة ستيف (الذي أصبح لاحقا رئيس شركة آبل) توفي والد الفتاة فتزوج عبدالفتاح من جوان رسميا وأنجبا فتاة أطلقها عليها اسم منى.. وبعكس شقيقها ستيف (الذي انقطعت علاقتهما به بحكم القانون) اهتم الزوجان بابنتهما الجديدة وأصبحت لاحقا من أشهر الروائيات في أمريكا.. وحتى سن السابعة والعشرين لم تعلم منى بوجود أخيها ستيف ولم يكن عبدالفتاح (الذي أصبح بروفيسورا في نفس الجامعة) يعلم أن ابنه السابق هو رئيس شركة آبل الحالي. وخلال حفل فوزها بجائزة الآداب تعرفت منى على شقيقها ستيف ونشأت بينهما علاقة أخوة وصداقة قوية.. غير أن علاقتهما المتينة لم تقنع ستيف بالتواصل مع والديه الحقيقيين، كما لم يحاول عبدالفتاح ذلك وصرح لصحيفة صن ان كبرياءه العربي يمنعه من المبادرة بالاتصال به وأنه غير مستعد لفعل ذلك حتى وهو على فراش الموت خشية الاعتقاد بأنه يطمع بثروته. على أي حال توفي ستيف مؤخرا ولم يتجاوز بعد السادسة والخمسين، في حين مايزال عبدالفتاح حيا دون أن يلتقي الطرفان أبدا!! ومن جهة أخرى؛ نشأ ستيف الطفل في أحضان عائلة جوبز (التي حمل اسمها) وفي المنطقة التي أصبحت تعرف بوادي السيلكون (كونها مركز شركات الكمبيوتر والتكنولوجيا في أمريكا).. ورغم عدم تفوقه في الدراسة الرسمية كما هو حال معظم العباقرة كان مهووسا بالإلكترونيات والبرمجة وعمل في عدة شركات تقنية خلال إجازاته الصيفية. وفي المرحلة الثانوية ابتكر شريحة إلكترونية متقدمة وخلال دورة تدريبية تعرف على صديقه فوزنياك (الذي أسس معه الشركة) وحققا معا ابتكارات مهمة في عالم التكنولوجيا! وخلال فترة شبابه اهتم أيضا بالديانة البوذية (واعتنقها فعلا) وسافر الى الهند للعيش هناك كراهب زاهد حتى أقنعه رئيس الدير بأن "مهمتك في العالم ليست هنا".. ومن الواضح أن ستيف تأثر بتلك الفترة كونه عاش في أمريكا حياة زاهدة وبسيط وظل يلبس دائما نفس القميص والبنطال رغم أن حصته في آبل تجاوزت الستة مليارات دولار. أما شعار التفاحة المقضومة (الذي أصبح شعارا للشركة وأحد أغلى الماركات في العالم) فيعود ببساطة الى حب ستيف للتفاح نفسه.. وفي البداية صمم شعارا يتضمن شجرة تفاح يجلس تحتها نيوتن مفكرا بقانون الجاذبية.. غير أن الشعار لم يكن واضحا حين يتم تصغيره فخطرت بباله "التفاحة المحرمة" التي قضم منها آدم في الجنة!! وفي عام 2004 أصيب بنوع نادر من سرطان البنكرياس وخضع في عام 2009 لعملية زرع كبد.. وفي أغسطس الماضي تدهورت صحته واستقال من منصبه كمدير لآبل وتوفي في أكتوبر التالي عن سن صغيره نسبيا.. وقبل وقت قصير من كشفه لأحدث منتجاته "آيفون 4 إس"! بدون شك؛ ستيف جوبز نموذج آخر يؤكد أن قيمة الإنسان في الدنيا لا تقدر بعدد الأعوام التي عاشها، بل بعدد الانجازات التي قدمها وغير من خلالها حياة الناس.