كم ضاع حق وتبددت ثروات وظلمت نفوس بسبب الفساد...أفضل تعبير عن الفساد بأنه السوس الذي ينقر وينهش أي ثروة إذا كانت (مناعته الإدارية) ضعيفة...أقرأ وأسمع من ناس تعبيرات مختلفة للفساد،الأول ينتقد الفساد بوصفه ظلماً وظيفياً وعدم العدالة (بالتقييم) للموظفين في عملهم والثاني يصفه بأنه بالتلاعب المالي والمبالغة في (التقييم) المالي للمشاريع والثالث يرويه عبر تبديد الثروات وعدم معرفة (قيمتها)...في رأيي ان جميع هذه التعبيرات للفساد بأنها صحيحة ولكن تبقى كلمة السر الجامعة في كل هذه الحالات وهي القيمة. بالخروج عن التفسير البسيط للفساد بأنه نهب الثروات...أفضل التفسير العام بأنه تبديد الثروات والذي يشمل نهبها ،بمعنى أن جهة معينة تأخرت في تنفيذ مشروع دون محاولة التحايل المالي خلف هذا التأخر للتلاعب بتكاليف البناء ولكن إطالة بشكل غير مبرر أن يعد هذا أيضا صورة من صور الفساد ...للتحول مكافحتنا للفساد من شكل محاسبي فقط إلى شكل تقييمي ومحاسبي يحاول تقويم الخلل وعلاجه. لعل من الصعوبات التي تواجه مكافحة الفساد لدينا هى قلة المعلومات والأصعب من ذلك هو الغموض الذي يلتف حول الكثير من مسببات الفساد وأولها التعقيد في الهيكلة الإدارية لبعض الجهات حول بعض المشاريع ،والهيكل الإداري المعقد يعد العدو الأول لدى أي جهة تكافح الفساد في العالم ودائما تورد محاضر اللجان البرلمانية أو الهيئات المستلقة في الدول الأخرى بأن التعقيد في التنظيم وعدم وضوح مستوى الصلاحيات الإدارية وتبادل القرارات أحد أهم مسببات ظهور الفساد وعدم القدرة على تحديده. أعود لكلمة السر وهى (القيمة)...أن نعيد النظر حول بعض شبابنا الذي يظلم وظيفياً ومشاريعنا التي تتأخر على أنها صورة من صور الفساد بالإضافة للتلاعب المالي وأن يضاف هذا لمفهومنا وللأمانة أن أذكر ما التمسته من هيئة مكافحة الفساد من اهتمام ومتابعة لرصد صور الهدر والتبديد وأن الهيئة محط رعاية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وأن تضيف الهيئة لمهمتها هذه الأبعاد التي ذكرت وأعلم أن في ذلك تعدداً وتفرعاً ولكن الفساد مثل السرطان لابد من متابعته عبر عدة أصعدة وأنا واثق من حرص الهيئة على خدمة هذا الوطن الذي نحبه ونفخر به.