لم نكن في الماضي نشعر بالأزمات والكوارث والحوادث كما نراها ونعيشها في عصرنا الحالي، وبعيداً عن التصنيف الذي اختلف عليه منظرو الأمن هل الكارثة تنتج أزمة أم أن الكارثة والأزمة بمعنى واحد؟ فإنها الحدث المفاجئ وغير المتوقع تروع الناس وينتج عنها آثار تدميرية كبرى وخسائر مادية وبشرية. ولقد ظهرت أصوات هنا وهناك في الآونة الأخيرة تدعو إلى أن هناك اختلافا وتباينا بين القيادة التقليدية في علم الإدارة وبين مفهوم القيادة الأمنية المعاصرة في إدارة الأزمة كون القيادة الإدارية التقليدية لا تلبي في تفاصيلها الخصوصية المهنية للقيادة الأمنية، وأن القيادة الإدارية بيروقراطية بعكس الأمنية التي تتطلب مرونة في إدارة الأزمات المتغيرة فالقطاعات مختلفة ولدى كل قطاع أزمات من نوع مختلف، ومفاجآت مع صعوبة التنبؤ، فالقائد الأمني الحصيف يدير الأزمات بتصورات وتوقعات متعددة تغطي كل الاحتمالات والمفاجآت. وقام قادة الدفاع المدني في اللحظات الأولى لأحداث 11 سبتمبر في الولاياتالمتحدةالأمريكية بوضع ثمانية احتمالات وتصورات، لكنه لم يكن من بينها احتمال سقوط مبنيي مركز التجارة العالمي وكان ما حدث خارج عن التصور التقليدي ولذلك كان عدد الضحايا والمصابين من رجال الدفاع المدني كبيراً، وإن كان قُدر للقائد الأمني أنه أصاب لا يشكر، وإذا أخطاء فإنه يُسأل..وخياراته دائماً صعبة وهو مطالب بالتعرف على الأسباب الحقيقية للأزمة الأمنية فان احتساب البعد الزمني من أولويات قيادته وهو يأخذ في الحسبان الأحداث الطارئة المتغيرة وتفجر الأوضاع وتفاقمها وهو بذلك لا يصدر قرارات متسرعة ولا بطيئة في الوقت ذاته لأن المواقف قد تتعقد وفقاً للظروف الضاغطة وهو يأخذ في الحسبان أن الحدث الأكبر قد لايقع في نفس المكان بل في مكان آخر فلا يرمي بكل إمكانياته دفعة واحدة. وإن كان للقائد الأمني من رصيد يجب أن يكون حاضراً فإنها خبراته المتراكمة هي دليله للقرار السليم، يأخذ البعد السياسي في الحسبان ولديه مرونة، ويُلم بكل الظروف لا يتقصد حرفياً ولا يخرج كلياً عن النسق السليم المتبع، وليس له أن يأخذ الأمور ببساطة، ولا أن يضخمها أكثر مما تحتاج ولكن يوفق بين الأمرين حسب الظروف، وأيضاً للمكان قدسيته وللزمان احترامه والرأي العام من حوله لا بد مراعاته، ويقدر كل حالة بقدرها ومن الأساليب ينتقي أفضلها مناسبة للحدث، ولقد كان من أنبل ما يتسم به القائد الأمني السعودي هو حرصه على سلامة وراحة الحاج والمعتمر في المواسم وأن وجد تحد لقيادته فإن حسن البصيرة والخبرة المتراكمة تجعله قادراً على اتخاذ القرار السليم الذي يحد من الخسائر البشرية والمادية.. وهذا معروف في موسم الحج على مختلف مستوياتها ونجد الإشادة بذلك من دول العالم في المؤتمرات والحلقات العلمية.