في عدد «الرياض» يوم أمس نشر خبر عن استئناف الرحلات الجوية بين الرياض وبانكوك، وعودة الشباب السعودي، والسائح السعودي إلى أماكن انقطعوا عنها «قسراً»، مدة زمنية طويلة وإلى ممارسات تحدّث بتفاصيلها الكثير، وكانت سيراً تحكى، وقصصاً تروى في مجالس السمر في الرياض، وغير الرياض من مدن المملكة. وإذا كنتُ أسجل بداية، وسريعاً فرحي بانتهاء الأزمة بين الرياض، وبانكوك من أجل دعم العلاقات التجارية بين البلدين، واستمرار التعاون الاقتصادي والتجاري في حقول شتى، وتوفير التسهيلات لرجال الأعمال لزيادة فرص التبادل التجاري، وايجاد مناخات استثمارية، وفرص تجارية ناشطة تجعل أفق الصادرات المتبادلة عاملاً جيداً لتوثيق الروابط السياسية بين البلدين، وتثري الاقتصاد في الدولتين تكاملاً، وتعاوناً ..إذا كنتُ أسجل هذا الفرح فإنني في هذا الموضوع لا أتناول الخبر - وهو مفرح - من هذه الزاوية. بل أحصره، ونحن نشد الرحال لقضاء فصل الصيف في أي بقعة من أرجاء هذا الكون الواسع الفسيح، ونحلم بلحظات سعادة وراحة وغسل للنفس من الضغوط التي ألقت بسأمها ومللها على حياتنا بفعل الروتين اليومي الحياتي اللاهث، وسرعة إيقاع وتفاصيل الحياة التي تكون كثيراً مملة في بعض جوانبها، أحصر الحديث في الممارسات السياحية عند بعض الشباب، التي تحدث في بعض عواصم العالم، ومدنه السياحية. إن السياحة فن، وثقافة، ووعي، وسلوك، يستطيع السائح أن يثري عقله، وفكره وروحه في مدة زمنية قصيرة بمخزون هائل من الفكر، والثقافة، وتجارب الشعوب، وممارسات الإنسان المميزة في استثمار الوقت، وتوظيف الزمن من أجل اكتساب المعرفة من الآخرين، وقراءة السلوكيات الجيدة الداعية في ممارسة الحياة، وفهم دور الإنسان في بناء مجتمعه، ورفض كل أشكال الاتكالية، والعجز، والهروب، والتخلي عن النظرة الضيقة بأن من حق الفرد أن يأخذ، ولا يعطي، وأن الدولة عليها عبء توفير كل شيء..!؟ أعتقد - جازماً - أن النظرة عند الكثير قد تغيرت لمفهوم السياحة، وإن ما كنا نسمعه من مغامرات وسلوكيات في بانكوك، والدار البيضاء، وبيروت، ولندن، وباريس، قد انتهت، أو تلاشت بفعل الوعي الذي توفر عند شبابنا، وبفعل انحسار حقبة الطفرة المادية التي وفرت المال عند بعض الجهلة والحمقى والمرضى بعقد اجتماعية، ونقص فاضح في التربية، وتدن في مستوى التعليم، والثقافة، والوعي، بحيث أساؤا استخدام هذا المال، وجعلوه شكلاً من أشكال الإساءة إلى الإنسان السعودي، والأخلاق السعودية، والقيم، والشهامة، والعقل عند الفرد. نحن الآن على أبواب الصيف. الكل يحزم حقائبه للسفر. الجميع يحلمون بصيف جيد، وجميل، ومريح. والثقافة ليست في معظمها كتاباً، ولا جريدة، ولا محاضرة نتواجد فيها، إنما هي سلوك، وهي تلاقح بين ثقافات، ومحاولة جادة لقراءة ثقافات الشعوب الآخرى، من خلال الفهم والممارسة والتعاطي والنظرة الى مجمل الأمور. وإذا حاولنا أن نقرأ كل هذا فإننا نمنح أنفسنا غنى وثراء معرفياً جيداً. أحيي كثيراً الأسر السعودية التي تتسابق الى تسجيل أبنائها في معاهد للغات، أو الكمبيوتر، أو أي مصدر من مصادر المعرفة في مدن إجازاتها الصيفية. هذا سلوك جميل..