أعلنت مجموعة البنك الدولي أن أسعار الغذاء العالمية لا تزال مرتفعة ومتقلبة وأنها أضرت بالبلدان الأشد فقراً أكثر من غيرها، وشكلت ضغوطاً إضافية على الاقتصاد العالمي. جاء ذلك في التقرير الفصلي الذي تعده مجموعة البنك الدولي بعنوان " مراقبة أسعار الغذاء"،. وأشار التقرير الجديد إلى أنه على الرغم من هبوط مؤشر البنك الدولي لأسعار الغذاء 5 في المائة عن مستويات الذروة المسجلة في فبراير/شباط 2011، وانخفاضه قليلا في سبتمبر/أيلول بنسبة واحد في المائة، فإنه مازال يزيد 19 في المائة عن مستوياته المسجلة في سبتمبر 2010. وقال رئيس مجموعة البنك الدولي روبرت زوليك، الذي حث مجموعة العشرين على وضع قضية الغذاء على رأس اهتماماتها: أزمة الغذاء أبعد ما تكون عن نهايتها؛ فالأسعار مازالت متقلبة، وملايين البشر مازالوا يعانون في شتى أنحاء العالم. إن البنك الدولي يعمل على نحوٍ وثيق مع الرئاسة الفرنسية لمجموعة العشرين والمنظمات الدولية الشريكة على اتخاذ ما يلزم من تدابير لحماية الفئات الأكثر معاناة من مخاطر تقلب الأسعار، مع معالجة بعض أسبابه الجذرية كذلك. علينا أن نتذكَّر أن تفادي الأزمة لا يقتصر فحسب على البنوك والديون؛ فملايين البشر في العالم يواجهون أزمة الجوع وسوء التغذية يوميا. ويقول تقرير مراقبة أسعار الغذاء إن الفيضانات التي شهدتها تايلند في الآونة الأخيرة – وكانت الأسوأ منذ 50 عاما- قد تزيد من عدم اليقين والغموض في الأجل القصير في أعقاب خسائر الإنتاج التي تذهب التقديرات إلى أنها تتراوح من 16 إلى 24 في المائة من الإنتاج الكلي. وفي الوقت نفسه، فإن الأزمة الغذائية في منطقة القرن الأفريقي مازالت مستمرة، وتؤثر على أكثر من 13.3 مليون نسمة في المنطقة، أو ما يزيد مليونا منذ أغسطس ، ومازالت الآفاق المستقبلية مصدر ذعر بالغ. واضاف التقرير أن أسعار الحبوب ارتفعت 30 % في سبتمبر الماضي، وقفزت أسعار الذرة 43 % والأرز 26% والقمح 16 % ، وزادت أسعار زيت فول الصويا 26% غير أنه خلال الربع الأخير من العام، عادل هبوط قدره ثلاثة في المائة في أسعار الدهون والزيوت الأثر الناشئ عن زيادة قدرها ثلاثة في المائة في أسعار الحبوب. ومن المتوقع أن يستمر تقلب الأسعار الذي يشتد في البلدان منخفضة الدخل في الأجل المتوسط بسبب عدة عوامل عالمية ومحلية. وتشتمل العوامل الهيكلية التي تسهم في تقلب الأسعار على ارتفاع أعداد السكان وتغير الأنظمة الغذائية للأفراد، وتزايد تشابك العلاقات بين أسعار الغذاء والطاقة، وزيادة إنتاج الوقود الحيوي. ومن ناحية أخرى، من المحتمل أن تخفف الآفاق المواتية بشأن إمدادات المعروض والمخزونات بعض الضغط على أسعار الغذاء العالمية. وتظهر أحدث التنبؤات أن مخزونات القمح العالمية ستصل إلى أعلى مستوى لها في 10 أعوام وأن الإنتاج العالمي من الذرة سيزيد أربعة في المائة بفضل زيادة الإنتاج في الأرجنتين والبرازيل والصين وروسيا وأوكرانيا. ومن المحتمل أيضا أن يُسجِّل الإنتاج العالمي للأرز زيادة في 2011-2012 بفضل توقع تحقيق محصول وفير في الهند بعد هطول أمطار موسمية غزيرة. وتؤكد هذه الزيادة في الإنتاج في بعض الأسواق على الحاجة المهمة للإبقاء على الأسواق الدولية مفتوحة، وإيصال الأغذية إلى حيث تكون الحاجة، وتوفير الحوافز للمزارعين للتوسع في الإنتاج، وتفادي الشعور بالهلع الذي يحدثه فرض حظر على الصادرات. ومع أن الاقتصاد العالمي المضطرب قد يضعف الطلب ويؤدي إلى هبوط أسعار المواد الغذائية، فإن الأثر على البلدان النامية سيكون متباينا، إذ سيضر البلدان المصدرة للغذاء والمنتجين الفقراء في المناطق الريفية ويفيد مستوردي الغذاء ومستهلكيه. ويُحذر تقرير مراقبة أسعار الغذاء بقوله إن المشكلة تكمن في أن البلدان النامية قد تكون لديها الآن موارد محدودة لحماية القطاعات المتأثرة من السكان في أعقاب الأزمة الاقتصادية وبرامج الإنفاق التحفيزي. وعلاوة على ذلك، فإن المخاوف المتصلة بالاقتصاد العالمي قد تؤثر على الاستثمارات المتوسطة والطويلة الأجل في مجال البحوث الزراعية والتقنيات الزراعية الأكثر إنتاجا، ولا سيما مع استمرار تقلب الأسعار. وفي إطار الجهود الجارية لتحسين المعلومات المتصلة بتقلب الأسعار، تبنى وزراء زراعة مجموعة العشرين نظام معلومات الأسواق الزراعية الذي أُطلِق رسميا في سبتمبر-أيلول لزيادة شفافية الأسواق بشأن التوقعات العالمية المتعلقة بالأغذية على الأجل القصير، ولا سيما المخزونات، وتحديد الظروف غير العادية بالأسواق الدولية لضمان الاستجابة الفورية.