اتشحت الرياض بالسواد كما اتشحت كل مدن المملكة حزناً على فقيدنا الغالي فقيد الأمة سلطان الخير، وأمام شاشات التلفزيون تساقطت دموعنا تبكي بكل حسرة وألم سلطان الخير، الذي ودعنا إلى الرفيق الأعلى وإلى جنات الخلد إن شاء الله . أميرنا الغالي .. لقد زرعت في قلوبنا حبك بكل فعل خير قدمته للمسلمين في كل الأصقاع ، وبابتسامة مشرقة بالحب والعطاء تميزت بها، من منا لا يعرف سلطان الخير ومن منا لا يحبه، لقد بكاك الصغار قبل الكبار ، لقد فقدك كل من عرفك وكل من احبك،فلقد أسهمت أياديك البيضاء في تطور وتقدم عجلة التطور في كافة المجالات العلمية والإنسانية، فكانت انجازاتكم دليلاً باقياً على ما قدمتموه للوطن والمواطن بل لقد امتد عطاؤكم إلى خارج البلاد عندما كنتم تنفقون من مالكم الخاص لمساعدة المسلمين في مختلف بلدان العالم وإقامة المشاريع الإنسانية والخيرية لمساعدتهم. وفي مجال الخدمات الطبية بذلتم كل جهدكم في المساعدة في تطويرها واهتمامكم بكل محتاج فتكفلتم بتحمل علاج المئات من المرضى داخل الدولة وخارجها والقيام بتحمل مصاريف العلاج فكان لذلك الأثر البالغ في نفوس الجميع وكنتم ينبوع الخير والعطاء. ونحن اليوم نعزي أنفسنا ونعزي الوطن في فقيدنا الغالي بل ونعزي كل من عرف سلطان الخير وأحبه ذلك الرجل الذي نذر حياته للخير والعطاء فكان اسمه بشرى للخير المعطاء. رحل أمير الإنسانية .. أمير الخير والعطاء .. صاحب الابتسامة المشرقة .. رجل السياسة والحنكة .. رحل سلطان الخير ..وسلطان العطاء .. ونحن فقدناه كما فقده الوطن ..ولا يسعنا إلا أن نتقدم ببالغ الأسى والحزن والعزاء إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وإلى جميع أفراد الأسرة الحاكمة الكريمة وجميع الشعب السعودي والأمة العربية والإسلامية في فقيدنا الغالي .. ولا نملك إلا أن ندعو له بأن يتغمده الله بواسع رحمته ومغفرته وأن يسكنه فسيح جناته وان يجعل كل ما قدمه من خير في ميزان حسناته.. ونسأل الله أن يجعله ممن يقال له " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي " أكتب هذه الكلمات وأنا أستحضر البشارة النبوية العظيمة التي أرجو الله الكريم أن يهبها لسلطان الخير رحمه الله - ذلكم ما رواه البخاري عن أبي الأسود قال: قدمت المدينة وقد وقع بها مرض، فجلست إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فمرت بهم جنازة فأثنى على صاحبها خيراً، فقال عمر: وجبت، ثم مر بأخرى فأثنى على صاحبها خيراً، فقال عمر: وجبت، ثم مر بالثالثة فأثنى على صاحبها شراً، فقال وجبت، فقال أبو الأسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت: كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة) فقلنا: وثلاثة؟ قال: (وثلاثة) فقلنا: واثنان؟ قال: (واثنان) ثم لم نسأله عن الواحد. قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - وهذا الحديث على عمومه، وأن من مات من المسلمين فألهم الله تعالى الناس الثناء عليه بخير كان دليلاً على أنه من أهل الجنة، سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا، فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة، وهذا إلهام يستدل به على تعيينها، وبهذا تظهر فائدة الثناء، ويؤيده ما رواه أحمد وابن حبان والحاكم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعاً: (ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون منه إلا خيراً إلا قال الله تعالى: قد قبلت قولكم، وغفرت له ما لا تعلمون).