من منا لا يتذكر الطفل عبدالله ذي الأربع سنوات عندما حمله صاحب الأيادي البيضاء سلطان الخير رحمه الله رحمة واسعة بين يديه واحتضنه أبا حنونا يستشعر مواطن الحاجة بقلبه الذي ينبض بالإنسانية هو ذاك ما استشعره الطفل عبدالله لينطلق بكل عفويه ويتبادل مع الأمير حديث مؤثر شاهده الملايين على مواقع الإنترنت العالمية ليكون شاهدا على عظمة وإنسانية ذلك الأمير بل إن المشهد أبكى كل من شاهده وكان الاكثر تأثيرا وتداولا في مجال مواقع الاتصال الاجتماعي العالمي.. عبدالله الآن عمره أحد عشر عاما يرفل بالصحة والعافية لم ينس لقاءه مع الأمير بالرغم من صغر سنه آنذاك ويعش حالة من الحزن الشديد منذ أن سمع نبأ وفاة الأمير سلطان رحمه الله، بل أنه لم يستطع الذهاب للمدرسة حتى الآن تقول والدته إن عبدالله كان في المدرسة وقت إذاعة الخبر عبر وسائل الإعلام. وقد أكد والده بأن لا يخبره شيئا حتى يعود للبيت ولكن للأسف أنه علم به من خلال المعلمين وأصدقائه وعندما عاد كان متأثرا ويبكي غير مصدق للخبر ويردد "ممكن يكون كذب" حاولت والدته أن تؤكد له أن ذلك صحيح ولا مجال للكذب إلى أن بدأ يستوعب الحدث ويسترجع الموقف الذي جمعه بالأمير حيث كانت أسرته تحتفظ بأشرطة وصور كثيرة لذلك اليوم وعندما اطمأنت نفسه قال لوالدته أشعر بالاطمئنان أن الله اختاره لأنه يحبه، جوانب أخرى مؤثرة في قصة الطفل عبدالله مع الإعاقة ولقائه مع الأمير تحكيها أمه حيث تقول إن أول لقاء لابني عبدالله مع الأمير سلطان رحمه الله كان في حفل وضع الحجر الأساس لجمعية المعوقين بحائل قبل سنوات وعمره آنذاك أربع سنوات. الطفل عبد الله امام اللوحة التي هزت مشاعر الناس عند استقبال الراحل له ولفت عبدالله بحضوره الطفولي انتباه الأمير وبعد شهرين من ذلك طلب الأمير مقابلته وكنا آنذاك في الرياض صدفة حيث نراجع به المستشفى كالعادة إلا أن وضعه الصحي كان سيئا حيث يعاني من فتق في الحبل الشوكي أثر بشده على أحشائه الداخلية كما عاني من الكلى، أخبرناه أنه سيذهب لمقابلة الأمير ويبدو أن اللقاء الأول به كان عالقا بذاكرته وترك أثرا على مشاعره وعندما قابله شخصيا وتبادل معه الحديث واستمع الأمير له بكل حب وإنسانية كان لذلك أكبر الأثر على نفسية وصحة ابني، اللقاء لم يكن مخطط له إطلاقا ولم نكن نحلم بأن يتحقق أمر علاجه بالخارج وبكل عفوية طلب منه أن يعالجه لأنه يريد بشدة أن يمشي على رجليه بعد شهرين من اللقاء وتبني الأمير علاج عبد الله كنا في ألمانيا وكشفت الفحوصات عن مشاكل صحية عديدة تم على إثرها استئصال كليته اليمنى وبعض أحشائه الداخلية وكانت عملية كبيرة ولأنه لا يتحمل المزيد من العمليات اكتفى الأطباء بذلك لم نستطع إجراء عملية العمود الفقري إلا إن صحته تحسنت كثيرا وكانت تلك الوقفة والمبادرة بعلاج ابني من قبل الأمير موقف لن ننساه ولن ينساه عبد الله ما حيينا وسنظل أوفياء مخلصين له بالدعاء ولن نوفيه حقه، أم عبدالله تؤكد أن سلطان الخير والإنسان لا ينسى ولا يمكن لمن عرفه إن ينساه وقد عايشنا لحظات من الحزن لم تمر علينا عندما سمعنا النبأ وكان وصول جثمانه واستقباله من قبل خادم الحرمين والامراء هو الأكثر إيلاما وحزنا علينا وخاصة لدى ابني عبد الله الذي تأثر بشكل لم أشاهده عليه من قبل. وعبر والد الطفل عادل الجريد عن عميق حزنه وأسفه لفقدان رجل من رجالات الدولة العظماء والذي كما قال عنه قائد عظيم يتسم بصفات قل أن تجدها إلا في القادة الكبار حيث اجتمعت فيه صفات القيادة والإنسانية الخيرة ويتحدث والد عبدالله عن وقع خبر وفاة الأمير على الأسرة وعلى ابنه عبدالله حيث ذكر أن أسرته عاشت حالة من الحزن الشديد على فقيد الأمة وأن الجميع كانوا يتصلون ويقدمون التعازي حيث يعرف الجميع أن ابني عبدالله يحب الأمير ويكن له مشاعر أبوة من نوع خاص، لذلك عاش ابني أياما عصيبة وظل حزينا لدرجة أنه لم يستطع الذهاب إلى المدرسة عدة أيام، وكان لا يفارق التلفاز يشاهد الأخبار عبر القنوات التي تناولت حياة الأمير ومواقفه التاريخية والإنسانية وكنت ووالدته نحاول أن نخفف عنه وكيف أنه الطفل المحظوظ الذي حظي بمقابلة الأمير وبالرعاية الصحية التي أعادت له الأمل بالله في الشفاء ومكنته من أن يمارس حياته بشكل جيد وتوجه أبو عبد الله لله أن يتولى الأمير برحمته ويسكنه فسيح جناته.