المتابع لما يحدث في الوطن من تنمية اقتصادية هائلة ونهضة عمرانية شاملة ومتميزة رعتها الدولة وساندتها.بل نفذت كثيرا منها من خلال هذه المشاريع الضخمة التي تحقق فائدتين فهي أولا تحقق الهدف الأساس من إنشاء تلك المشاريع الضخمة التي تمثل تأسيساً أو تطويرا للبنى التحتية للوطن كما تحقق ثانيا حركة اقتصادية تفيد الحراك الاقتصادي المحلي. يلمس تحديا آخر يتمثل في التشغيل والصيانة المستقبلية لهذه المشاريع الضخمة التي "قد" ترهق ميزانية الدولة حتى في ظل الظروف الاقتصادية الجيدة التي يحافظ فيها سعر النفط كمكون أساسي لاقتصاد الوطن على أسعاره المرتفعة، لكن التساؤل المهم يتمثل في تكلفة التشغيل والصيانة لتلك المشاريع في حال "لا سمح الله" تأرجحت أسعار النفط أوانخفضت وهو أمر أجزم أن القطاعات التخطيطية للوطن قد تنبهت له لكن التذكير يساهم في تحريك المياه التي "قد" تركد أو تستريح قليلا وهو أمر "يجب" أن لا يحدث فلا بد في نظري من الاستعداد لموضوع التشغيل والصيانة لتلك المشاريع الضخمة متزامنا مع بداية التفكير في تشييدها. وبما أن الحديث يتجه حول تلك المشاريع الضخمة جدا التي أسسها الوطن أو تلك التي لا يزال الوطن يؤسسها وأخرى يخطط الوطن لتأسيسها فإن التساؤل الذي يحسن إثارته يتمثل في تعظيم انعكاسات تلك المشاريع على الوطن والمواطن إيجابيا ولعل في تجربة برنامج التوازن الاقتصادي التي نفذته الدولة منذ سنين أكبر الأمثلة الحية والفاعلة في التعظيم الإيجابي لإسهام تلك المشاريع الحكومية الضخمة في التنمية الوطنية بكافة جوانبها سواء ما يتعلق منها بالجانب الاقتصادي أو الاجتماعي أيضا. إنني هنا أتمنى أن نستثمر تنمية المكان من أجل تنمية الإنسان، فنحن في هذا الوطن العزيز قطعنا شوطاً كبيراً في تنمية المكان وتطويره لكننا "في نظري" – وأرجو ألاّ أكون سوداوياً – لم نحقق تنمية في الإنسان الذي سيشغل ذلك المكان الذي قمنا بتنميته، وهو أمر في نظري في غاية الأهمية، فلا يمكن بأي حال من الأحوال فصل التنمية الاقتصادية عن التنمية الاجتماعية أو تغليب أحدهما على الآخر. بل ربما أنّ تنمية الإنسان أهم بكثير من تنمية المكان، وهو ما أتمنى أن تركز عليه خططنا التنموية الخمسية خدمة لهذا الوطن العزيز.. ودمتم.