ما أن وصل الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليط الى صالة الوصول المصرية في معبر رفح الحدودي صباح الثلاثاء برفقة القائد العام لكتائب القسام أحمد الجعبري، حتى تسلمه الوفد الأمني المصري فتناول شاليط كوباً من الماء وبدأ يلتقط أنفاسه، بعد ان شعر بالفعل انه في طريقه الى منزله. ورافق الجعبري، وهو أبرز القادة العسكريين في "حماس" ويطلق عليه لقب "الجنرال أو رئيس أركان حماس"، شاليط الى المعبر برفقة 15 مقاتلاً من وحدة كوماندوس تابعة للقسام. وشوهد شاليط في سيارة بيضاء من نوع (تويوتا-ماغنوم) بعد ان اصطحب من مخبئه الذي لم يكشف عنه، الى الجانب المصري من المعبر. وبينما كان التوتر سيد الموقف في اللحظات الأخيرة لوصول شاليط كان وكيل جهاز المخابرات المصرية اللواء رأفت شحادة بصحبة اللواء نادر الاعصر والعميد أحمد عبد الخالق، في استقبال شاليط، فاصطحبوه الى مكتب يتبع للأمن القومي المصري على المعبر. وقال مصدر فلسطيني مطلع إن المسؤولين المصريين الثلاثة تسلموا رسمياً شاليط فور وصوله في حوالي الساعة العاشرة صباحاً الى الجانب المصري من المعبر الذي خلا من موظفيه استثنائيا، بينما لم ينقطع الاتصال بين الجانبين المصري والاسرائيلي خلال مراحل تنفيذ عملية الاستلام. ويقول المصدر نفسه ان الجعبري أمر بعد وصوله الى الجانب الفلسطيني من المعبر بكوب من الماء وقطعة بسكويت لشاليط الذي كانت تبدو عليه علامات الاستغراب والتعب. وبعد ان شرب شاليط قال الجعبري "الحمد لله ..نريده بصحة جيدة" في اشارة الى حرصه على تسليم شاليط بصحة جيدة للتمكن من استكمال الصفقة. وأوضح صحافي في وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية شاهد جزءاً من عملية تسليم شاليط أن مندوبين من اللجنة الدولية للصليب الاحمر قاموا بفحص شاليط طبيا، ووجهوا له اسئلة عدة "للتأكد من انه بصحة جيدة" ثم سُمح لمراسلة التلفزيون المصري بحضور مراسل الوكالة المصرية بإجراء مقابلة صحافية قصيرة مع شاليط. ولما وصل موكب شاليط كان متواجداً على الجانب المصري من المعبر وفد من "حماس" برئاسة موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة لاستقبال الأسرى المحررين. وهم شاهدوا شاليط إلا أنهم لم يصافحوه. وكشف المصدر أن ضابطا إسرائيليا كبيرا يعتقد انه ديفيد ميدان مبعوث رئيس الوزراء الاسرائيلي "تمكن من مشاهدة شاليط شخصيا ومصافحته في منطقة (لم يحددها) تقع بين معبري رفح وكرم ابو سالم (كيرم شالوم) الحدوديين، بينما كان عناصر القسام لا يزالون في المنطقة ذاتها. وقال الصحافي المصري صلاح جمعة أن مسؤولاً سياسياً في حركة "حماس" "اكد ان اسرائيل اشترطت رؤية شاليط قبل نقل أي أسير للاراضي المصرية، واشترط الجانب الفلسطيني ان يكون في المكان للاطمئنان". واوضح مصدر فلسطيني مطلع ان شاليط "نقل الى الجهة المصرية من معبر رفح في عملية معقدة وسرية فيها الكثير من التمويه" دون مزيد من التفاصيل. وخرج شاليط من السيارة والى جانبه الجعبري بلباس مدني على عادته فسلمه بيده الى المسؤولين المصريين الامنيين الكبار في منطقة المعبر. وكان شاليط يرتدي قميصاً أبيض مخططا باللون الأزرق وبنطلون جينز وطاقية سوداء اضافة الى حذاء رياضي أبيض، ولم يبدل شاليط ملابسه إلا في الجانب الاسرائيلي حيث ارتدى البزة العسكرية. وكان مصور فيديو ملثم بزي عسكري مع عناصر القسام يوثق كافة التفاصيل المتعلقة بنقل شاليط وتسليمه. وذكر المصدر ان اسرائيل بدأت بنقل نصف الاسرى الفلسطينيين الى الاراضي المصرية عبر كرم ابو سالم والى الضفة الغربية بعد رؤية الضابط لشاليط مباشرة، فيما تم استكمال العملية عندما اصبح شاليط في ايدي الجانب المصري الذي بدوره سلمه للمسؤولين الاسرائيليين عند النقطة الحدودية. وبعد ان اتصل الضابط الاسرائيلي بمسؤوليه غادر الجعبري ومساعدوه ومرافقوه المكان. وقال المصدر المطلع إن الهواتف النقالة عطلت تماما خلال عملية تسليم شاليط. فيما كانت سيارة اسعاف مصرية تقف في المكان الى جانب عناصر لفرقة كوماندوس مصرية مدججين بالسلاح انتشروا على المعبر. وتنص صفقة التبادل بين حماس و(اسرائيل) التي رعتها مصر على اطلاق شاليط مقابل اطلاق اسرائيل سراح 1027 اسيرا فلسطينيا من بينهم 27 امرأة، على ان يتم الافراج عن الاسرى الفلسطينيين على دفعتين الاولى، وقد تمت الثلاثاء وتشمل 477 اسيرا تقرر ابعاد 40 منهم الى الخارج (تركيا وقطر وسوريا) وترحيل 163 من سكان الضفة الى قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس، في حين يفترض الافراج عن الدفعة الثانية التي تضم 550 اسيرا في غضون شهرين. وحرر شاليط (25 عاما) الذي رقي الى رتبة رقيب بعد اكثر من خمس سنوات من عملية فدائية نوعية قامت بها ثلاث مجموعات عسكرية في مقدمتها كتائب القسام على تخوم قطاع غزة.