الفتاة الصغيرة تلعب بالكرة. تجري خلف القطط في الحديقة العامة. ربما أمسكت بأحدها وقبلته بشغف، لا تدرك بأن تلك القطط تتغذى على الفئران، وربما سببت لها الصلع، أو جرح عابر على كفها الغض. ضفائر الفتاة تتطاير، جل أحلامها أن تتناول شيئاً لذيذا، ربما كان بوظة، أو كاكاو. لا تدركه بشكل دقيق. لكنه شيء ما تحبه. وربما تبكي بشدة عندما تسمع خبرا رديئا، كأن والدتها لن تجلب لها تلك العروسة الجميلة التي رأتها في أحد المحلات، أو أنها تُحرم من البوظة بسبب دخول فصل الشتاء. هل يمكن لهذه الفتاة أن تدرك سببا واحدا مقنعا يفسر منع أمها لها من المشي حافية القدمين في فناء المنزل أثناء المطر؟! تلك الفتاة لن تفهم أبدا معنى وفاة جدتها، أو فقدان والدها لوظيفته، أو انفصال والديها! سبب إيداع أختها الكبرى في مستشفى المجانين! ستبقى سعيدة على كل حال، ما دامت لم تدرك بعد معنى الموت، ولم تفهم بعد، معنى أن تكشر الحياة عن أنيابها. ستمتلك في يوم ما، أحلاما، وآمالا عظيمة. وستتحطم تلك الآمال بقسوة، وستحاول أن تنجو بالبعض منها، وغالبا ستفشل. وربما فقدت كل شيء. عندها -ككل البشر- ستبكي في يأس، وتعلق كل أحلامها على مشجب ما. وتتمنى ألا تفهم سببا واحدا لمنع أمها لها من المشي حافية القدمين أثناء المطر.