خيام معتصمين .. أبنية شاهقة .. عملات .. شاشات أسهم .. هذه هي الصورة النمطية عن الشارع الأشهر في عالم المال والأعمال ( وول ستريت ) .. هذا الشارع الذي أصبح في العصر الحالي رديفاً للاقتصاد الأمريكي بل الأمر تعدى ذلك ليصبح مرتبطاً في ذهن المتابع باقتصاد بلاده وخصوصا ان العديد من العملات والأسواق تتأثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالسوق والعملة الأمريكية. تاريخياً يعود هذا الشارع إلى القرن السابع عشر الميلادي عندما شيد الهولنديون جداراً ترابياً لحمايتهم من هجمات الهنود الحمر ، وذلك في منطقة ( نيو امستردام ) ,وتذكر بعض الروايات أن من قام ببناء هذا الجدار هم مجموعة من " العبيد " بالاضافة الى بعض الأوروبيين ، وفي القرن الثامن عشر بدأ هذا الشارع يعرف نشاطه اقتصادياً فبعض المؤرخين يؤكد أن بداية التجارة الفعلية في هذا الشارع بدأت عندما كان التجار والباعة يتجمعون تحت شجرة كبيرة في منتصفه ليعرضوا ما كان في جعبتهم من غنائم الأسفار والأقطار. ومع مرور الايام وتطوير حركة السفر والسياحة في المنطقة ، اتفق رجالات الأعمال حين ذاك على أن يكون هناك سعر لعمولة قياسية ، ووضعت لذلك شروطا مختلفة وبنودا لا يمكن التخلي عنها والالتزام بها ادبياً ومالياً على ان تنسحب هذه الاتفاقية وما فيها من بنود ولوائح لتكون عقوداً ثابتة وملزمة للجميع ، هذه الالتزامات الأدبية تطورت لتشكل البورصة في هذا الشارع ، ومع تزايد عدد التجار وزيادة شهرة ( وول ستريت ) بدأت المنطقة تعرف كثافة سكانية في القرن التاسع عشر فتم بناء العديد من المساكن كما أن العديد من المؤسسات التجارية بدأت في افتتاح فروع لها في المنطقة. وفي القرن الواحد والعشرين ، شهدت المنطقة تطوراً وازدهاراً كبيرين خصوصا في مجال الهندسة المعمارية ، ورغم كل مغريات الشركات والمال إلا أن الشارع القديم حافظ على تميزه بشوارعه الضيقة التي لا تسمح بمرور المركبات إلا في اتجاه واحد وما زالت المنطقة تحتفظ ببساطتها فالزائر يستمتع بباعة الرصيف وهم ينادون عليه مساء للشراء منهم. ما يميز الشارع ايضا انه في منطقة حيوية فتتفرع منه الشوارع المؤدية الى الميناء ومركز التجارة العالمي والقاعة الاتحادية ومباني الشركات العالمية العملاقة والعديد من البنوك والمصارف الشهيرة. شارع ك ( وول ستريت ) لم يحتكر نفسه في المال والبورصة فقط فالزائر له يلاحظ انتشار العديد من المعارض الفنية ، المتاحف ، والمسارح والفنادق المعروفة ، وللثقافة أيضا نصيب من الشارع الشهير فأزقته مليئة بالمكاتب والوكالات التجارية ، وطبعا لم يغفل شارع كهذا الإعلام فعلى جنباته مكاتب كبريات الصحف الامريكية. للشارع أيضا تاريخه الخاص في الاعتصامات ففي عام 1929م كان الشارع شاهداً على ما يعرف ب( الاثنين الأسود ) عندما انهارات البورصة الأمريكية ، وحاليا يشهد ( وول ستريت) اعتصامات أخرى احتجاجا على الوضع الاقتصادي الأمريكي.